SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

إستعداد عسكري غير مسبوق في المنطقة وسط جدل إسرائيلي-أميركي حول توقيت خيار الحرب

رياض قهوجي*
تتسارع وتيرة التحضيرات العسكرية في منطقة الخليج العربي تحت عناوين مختلفة، إنما لهدف واحد وهو التهيؤ لجميع السيناريوهات التي قد تسير[*] بها الجهود لوقف برنامج إيران النووي.

فبالرغم من تضارب التصريحات واشتداد لهجة الخلاف وارتفاع نبرتها بين أميركا وإسرائيل، إلا أن ما بات واضحا هو أن الإدارة الأميركية قد عدّلت من سياستها تجاه إيران، بحيث تحوّلت من احتواء وتعايش مع إيران نووية إلى سياسة منع إيران من الحصول على سلاح نووي.

وبالتالي، فإن غالبية المراقين يتفقون على أن إخفاق العقوبات الاقتصادية والضغوط السياسية في ثني إيران عن تطوير برنامجها النووي سيؤدي عاجلا أم آجلا إلى الخيار العسكري. وعليه، فإن الخلاف بين واشنطن وتل أبيب اليوم لم يعد حول منع إيران ولو بالقوة من التحول إلى قوة نووية، إنما متى يجب اللجوء إلى الخيار العسكري.

وبحسب مسؤولين أميركيين وأوروبيين وخبراء التقوا في مؤتمر مغلق خلال الشهر الجاري، في عاصمة أوروبية، لمناقشة الملف الايراني وتداعياته، فإن الحكومة الإسرائيلية تصر على تقديرات أجهزتها الاستخباراتية حول مدى تقدم البرنامج النووي الإيراني، والذي تتوقع أن تمتلك ايران سلاحا نوويا خلال سنة واحدة، في حين تشير التقديرات الأميركية إلى أن طهران تحتاج إلى فترة أطول تصل حتى عامين أو ثلاثة.

وتختلف التقديرات الإسرائيلية عن الأميركية أيضا في حجم الرد الإيراني المتوقع على أي هجوم على منشآتها النووية. ففي حين يروّج المسؤولون الإسرائيليون لفكرة الرد المحدود من جانب طهران، بحجة خشية النظام الإيراني من أن يجد نفسه في حرب لا يستطيع كسبها ضد أميركا وقوى الغرب والعرب، في حال أقدم على إغلاق مضيق هرمز واستهدف منشآت أميركية في المنطقة، يعتقد غالبية المسؤولين الأميركيين بأن الرد الإيراني سيكون كبيرا مما سيشعل حربا إقليمية-دولية.

لقد كشفت التصريحات في المؤتمر عن وجود حالة عدم ثقة من جانب الحكومة الإسرائيلية بإقدام الرئيس باراك أوباما فعلا على الخيار العسكري في الوقت المناسب، ولذلك قررت الضغط عليه في فترة الانتخابات.

ويخشى بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية بأن تُقدِم الحكومة الإسرائيلية -في حال شعرت بأن حظوظ أوباما بالفوز في الانتخابات ستكون قوية- باللجوء إلى شن ضربات جوية وصاروخية ضد بعض المنشآت النووية الرئيسية في إيران.

وفي حال رد إيراني كبير يشمل إغلاق مضيق هرمز واستهداف قواعد أميركية، فإن إدارة أوباما ستجد نفسها مضطرة لدخول الحرب على رأس تحالف غربي- عربي. وفي أي حرب مستقبلية سيكون للقوات الأميركية الدور الأكبر، خصوصا في العمليات البحرية والجوية، والحماية ضد الصواريخ البالستية والجوالة، وإزالة الألغام البحرية.

ولفت محللون عسكريون إلى أن الفارق الأساسي اليوم بين التهديدات التي أُطلقت في الأعوام السابقة باللجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران، وما يجري حاليا، هو حجم الاستعدادات العسكرية الجدية والتي لم تشهدها المنطقة من قبل؛ حيث يوجد من الجانب الأميركي وحده ثلاث حاملات طائرات وعشرات المدمرات والفرقاطات، وكاسحات الألغام وسفن الإنزال، وقاعدة عائمة للقوات الخاصة، وغواصات نووية مسلحة بصواريخ جوالة، وهي مدعومة بمدمرات وفرقاطات وكاسحات ألغام من قوى غربية وعربية منتشرة منذ فترة في الخليج العربي وبحر عمان، تحت عنوان إجراء مناورات مشتركة.

هذا في وقت تنتشر سفن وقوات أميركية داخل وقبالة الشواطئ الإسرائيلية، بحجة إجراء تدريبات مشتركة في الدفاع ضد الصواريخ البالستية.

يختلف المراقبون حول توقيت اللجوء إلى الخيار العسكري، إلا أن جميعهم متفقون على أنها ستشعل حربا مدمرة، تكون كلفتها كبيرة على الاقتصاد الدولي ودول المنطقة، لاسيما إيران التي ستخسر بنيتها التحتية العسكرية والمدنية وينهار اقتصادها وتتهدد وحدة أراضيها.

(نشرت هذه المقالة في صحيفة الحياة في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2012)
*الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري – إينجما

شارك الخبر: