SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

أمن مضيق هرمز في ظل أحدث التهديدات… هل تستطيع إيران إغلاقه عبر الألغام البحرية أو الحرب اللاتماثلية؟

أغنس الحلو زعرور

مع تجدّد التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز وحثّ الولايات المتّحدة الأميركية على عدم إتخاذ هذه الخطوة، تكثر التساؤلات: هل تستطيع إيران فعلاً إغلاق مضيق هرمز بوجه الملاحة البحرية؟ وما هي الإجراءات التي قد تتّخذها؟

وقد أعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في 24 نيسان/ أبريل، أن على الولايات المتحدة التفاوض مع الحرس الثوري لبلاده إذا أرادت الدخول إلى مضيق هرمز. وقال ظريف، في تصريحات صحفية أدلى بها  عقب وصوله إلى نيويورك: “إذا أرادت الولايات المتحدة الدخول إلى مضيق هرمز فعليها التفاوض مع الطرف الذي يقوم بحمايته، أي الحرس الثوري الإيراني”.

وذكر مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية في 23 نيسان/ أبريل، أن الولايات المتحدة دعت إيران إلى إبقاء مضيقي هرمز وباب المندب مفتوحين، وذلك بعد يوم من مطالبة الولايات المتحدة مشتري النفط الإيراني بوقف شراء الخام من الجمهورية الإسلامية.

وتأتي تهديدات إيران بعد إعلان الولايات المتحدة إلغاء الإعفاءات الممنوحة ل 8 دول تتيح لها شراء النفط الإيراني دون مواجهة عقوبات أميركية وذلك بدءا من مطلع شهر أيار/ مايو المقبل.

ويبقى السؤال: هل ستتحوّل تهديدات إيران إلى حقيقة؟ وما هو سبيلها إلى ذلك؟

تهديدات متنوّعة:

تختلف المخاطر التي تحيط بالمضائق المائية. وفي حديث خاص للأمن والدفاع العربي مع عضو تكتّل الجمهورية القوية، الجنرال المتقاعد في الجيش اللبناني، النائب وهبي قاطيشه تم استعراض أبرز التهديدات التي تحيط بالمضائق.

وقال قاطيشه: ” يعتبر مضيق هرمز من أهم المضائق استراتيجياً في العالم. يمكن تهديده من قبل إيران بأربعة  وسائل:  إما بواسطة زرع ألغام بحرية في الممرات، أو إرسال طرّادات مففخة يقودها إنتحاريين لتفجير السفن، أو عبر سلاح الجو الإيراني (وهو ضعيف)، أو من خلال طائرات مسيرة. ”

ولفت قاطيشه إلى أعمال إيران التي هدّدت المضيق في السابق قائلا: ” زرع الإيرانييون ألغاما عام 1988 في مضيق هرمز وأثناء مرور كاسحة ألغام أميركية إنفجرت فيها إحدى الألغام. ولكن ما لبثت الولايات المتحدة الأميركية أن ردّت في حينه منذ 30 سنة ودمّرت قاعدتي بترول في الخليج تابعين لإيران واشتبكت مع البحرية الإيرانية وأغرقت عددا من السفن الحربية الإيرانية وتسببت بمقتل 85 عسكري إيراني. ”

وبعد تشديده على أهمية المضائق في الإستقرار العالمي، رأى قاطيشه أن : “أي عمل إيراني من هذا النوع هو مدان ليس فقط من قبل الولايات المتحدة بل الأمم المتحدة ككل، لأن الممر لا يخضع للسلطات الإيرانية بل يعتبر عملا ضد الأمم المتحدة وكل دول العالم. وفي حال حاولت إيران إغلاقه ستقوم  الولايات المتحدة الأميركية بردّة فعل قاسية قد لا تتحملها إيران. ”

واستبعد قاطيشه أي محاولة إغلاق إيرانية للمضائق لأنها غير قادرة على هذه الخطوة لكنها تصعّد اللهجة من وقت إلى آخر لأن “هذه طبيعة هذا النظام.”

هل تستطيع إيران إغلاق مضيق هرمز؟

يرى الخبراء أن إيران قادرة على القيام بعمل عدائي وإغلاق مضيق هرمز ولكن لكم من الوقت سيبقى مغلقا؟ هذا ما يجب التركيز عليه.

وفي حديث خاص للأمن والدفاع العربي مع رئيس مركز “الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري – انيغما” والخبير العسكري رياض قهوجي، لفت إلى أن إيران تستطيع إغلاق مضيق هرمز والتأثير على الملاحة، . وقال: “لكن السؤال يبقى كم من الوقت تستطيع إبقاء هذه المضائق مغلقة؟ لأن هذه المضائق هي مركز التصدير الرئيسي للنفط والغاز والملاحة البحرية. فعمل كهذا بإغلاق مضائق يعتبر تهديدا للأمن العالمي، وبالتالي سيكون هناك ردّ أكبر من الولايات المتحدة والقوى الغربية وإيران ستدفع ثمنا باهظا وعندها سيعود إفتتاحه ضمن أسابيع ولكن هذا سيجر حربا كبرى وقد تكون عالمية على إيران” .

واستطرد قهوجي: ” رأينا الزوارق التي يتم التحكّم بها عن بعد وهي زوارق صغيرة تقوم بغارات سريعة. فالحرس الثوري الإيراني اليوم يرتكز عليها بشكل أساسي. خاصّة وأن بعضها مجهّز  بطوربيدات وبعضها بصواريخ كروز وبعضها يستخدم في العمليات الإنتحارية.  كما تطوّر إيران الكثير من الصواريخ الجوّالة ولكن هناك إجراءات مضادة لمواجهتها. إلا أنها تبقى قاتلة. “

ورداًّ على سؤال حول الأمن المائي لدول الخليج، وقدرتها على التصدّي للهجمات الإيرانية، أجاب قهوجي: “على دول الخليج أن تعزّز قدراتها البحرية ، فاليوم دول الخليج أصبح لديها أقوى قوات جوية في المنطقة ولكن عليها العمل كثيرا على القدرات البحرية، وخاصة المملكة العربية السعودية، فهي تشبه الجزيرة، محاطة بالماء من معظم الجهات. وبالتالي، تحتاج أن تعزيز قدراتها البحرية وهذا ما نراه مع البرامج البحرية للسعودية والإمارات ودول الخليج. ”

وحول إغلاق إيران لمضيق هرمز تتشابه آراء الخبراء. فيرى العميد المتقاعد في الجيش اللبناني أحمد تمساح أن أحدا لا يجرؤ على إغلاق مضيق هرمز. واعتبر تمساح أن ” كل سلاح يستخدم للمرة الأولى يتم كشفه، وبالتالي تقوم الشركات الدفاعية بإنتاج إجراءات مضادة له. حتى لو كان السلاح  أسرابا من القوارب السريعة المسيّرة، فقد تم البتكار الرشاشات ذات الفوهات المتعدّدة لمجابهتها.”

 وخلال مقابلة خاصة للأمن والدفاع العربي مع العميد (م) تمساح، رأى أن مشاركة إيران في الحرب في اليمن تنبع من سعيها للسيطرة على المضائق والمساومة لاحقا. وختم تمساح: “الأمن المائي في الخليج العربي هو أمن الولايات المتحدة. لذلك لا يوجد مساومة ويبقى خيار إستخدام السلاح النووي مطروحا على الطاولة في أسوأ الحالات.”

الألغام البحرية بين الماضي والحاضر:

في حين يعتبر البعض أن الألغام البحرية موجودة فقط في كتب التاريخ، يؤكّد الخبراء أنها لا تزال من أبرز المخاطر التي تهدد الملاحة البحرية إلى جانب الصواريخ المضادة للسفن، وعمليات الحرب غير المتماثلة البحرية.

فالألغام البحرية تبقى السلاح الأكثر استخداما ولا زالت فعّالة حتى يومنا هذا . خاصة وأنها تواكب العصر وطالها التطوّر والتحديث. وقال قهوجي في هذا السياق: “لم تعد ألغام اليوم كألغام الحرب العالمية الثانية أو ألغام الحرب الباردة التي تعتمد على المغنطيس لتتبّع المعادن، أو تثار عند  الحركة. بل أصبحت اليوم جزءا من منظومة ذكية مزروعة تحت الماء أو تطفو على السطح، وتبقى القنابل البحرية الأكثر قدرة على إغلاق ممرات مائية. ”

وتجدر الإشارة إلى أن الجيل الجديد من القنابل البحرية قادر على التخفي بحيث يصعب إيجاده. حتى أن هناك ألغام بحرية تشبه الصخور أو الطحالب البحرية ولا تشبه الألغام حتى. وهذا النوع من الألغام معقّد جدا ويحتاج إلى تقنيات متطوّرة جدا لإبطال مفعوله.

الإجراءات المضادة والحلول البحرية الحديثة:

تبدأ الإجراءات المضادة من التهديدات لحماية القطع البحرية بتحديد ما إذا كان الذي يقترب منها يشكل تهديدا أم لا. وهنا يكمن الجزء الأصعب فبين زورق إنتحاري وزورق عادي لا يوجد فوارق كبيرة وخاصة للتحديد من مسافة بعيدة. لذلك يجب إعتماد عدد من الخطوات لحماية السفن الحربية. وهذه الخطوات تتم عبر استخدام أنظمة متطورة تحمي السفن وهي:

1. استخدام نظام AIS (Automatic Identification System)

2. الرادار: الاستشعار الإلكتروني Electronic surveillance

3. كاميرا والأهم استعمال التصوير الحراري الذي يمكنه أن يحدد بدقة ماهية الهجوم. ولكن الكاميرا تعمل بعد أن ينبهها الرادار بوجود خطر في مكان محدد. وهذه الكاميرا تساعد في النظر إليه بالتحديد.

4. الرد الأمثل بالأنظمة المناسبة.

AIS :

أولا يجب تحديد ما يشكل خطرا والتأكد أنه تهديد ومن ثم الرد عليه. فتحديد إذا كان شيء ما يشكل خطرا هو الجزء الأساس. في البداية نظام AIS Automatic Identification System هو نظام عالمي مثل البصمة وتم وضع إشارة (مثل Code ) على كل قطعة بحرية. وأهم ما يقدمه هذا النظام أنه يستخدم المعايير العالمية للسفن لتعرّف عن نفسها. وفي حال لا تحمل السفينة القادمة هذه البصمة العالمية عندها يبدأ الرادار بالعمل.

الرادار:

الرادارات هي أهم المستشعرات التي يتم استخدامها. فهناك العديد من أنواع الرادارات. ولكن على طاقم السفينة أن يسأل الأسئلة التالية: هل تقوم السفينة بإرسال أي إشعاع أو ذبذبات، هل يتم استخدام الهواتف النقالة؟ وبالتالي يمكن تعقبها بالرادار ومن ثم يتم استخدام الكاميرا.

الأمر مأكثر تعقيدا مما يعتقد. فهناك العديد من التقنيات التي يجب أن تتكامل لتعطي صورة واضحة عن العنصر الجديد الذي يظهر أمامنا. وبعد جمع كل المعلومات من كافة المصادر عندها يصبح طاقم السفينة قادرا على إتخاذ القرار الأمثل.

أما بالنسبة لمدى الرادار فهو يتعدى مئات الكيلومترات، ولكن هنا يجب الإنتباه إلى نقطة مهمة. إذا تخيلنا أننا نقف على متن سفينة، فالأفق (أي المكان الذي تلتقي فيه السماء بالمياه على مدى النظر) هو فقط 22 أو25 كلم. وبالتالي عمليا، يلتقط الرادار كل شيء حتى 40-50 كلم.

  تعرف على أحدث الإجراءات المضادة التي تقدمها Airborne Systems

وتجدر الإشارة أن هناك أدوات تزيد مدى الرؤية لدى السفينة مثلا في الماضي كان يتم إستخدام المروحيات للقيام بهذه المهمة. ولكن ليست كل السفن حاملة للمروحيات. فلتأمين المدى الأوسع للرصد، يمكن إستخدام طائرات بدون طيار صغيرة يسهل حملها على متن أي سفينة. وكلما ارتفعت كلما زادت من قدرة السفينة على المراقبة وكشف التهديدات وبالتالي زادت فعالية الإجراءات المضادة.

كلما كان التهديد أصغر كلما كان أصعب على الرادار تعقبه، وبالتالي تحتاج السفينة إلى رادار أكبر ليقوم بأداء مهامه بشكل أفضل. فإذا كان أصل ثمين مثل سفينة يحتاج إلى حماية ، يجب أن يتم إجراء الكثير من الأشياء. ولكن كل ما يمكن للرادار فعله هو أن يدل أن هناك شيئا في البحر. ويحدد مكانه ومداه.

الكاميرا:

الكاميرا يجب أن تكون متطورة جدا وتحتوي على تقنيات ضخمة. وخاصة أنه من الصعب كثيرا أن يصل مدى الكاميرا إلى الأفق. ولهذا السبب من الضروري جدا اللجوء إلى الصورة الحرارية وخاصة للإستخدام الليلي.

بعض الإجراءات المضادة يمكن تحديدها أوتوماتيكيا ولكن الحلقة الأهم هي وجود العنصر البشري القادر على إتخاذ الخطوات المناسبة والتعامل الأمثل مع التهديد. ولكن هنا يوجد لدينا عائق الوقت. فأثناء مواجهة تهديد بالتفجير كل ثانية قيمة. والوقت الذي يتم إستغراقه لإتخاذ القرار يجب ألا يذهب هدرا ويجب إتخاذ القرار بسرعة. وبالتالي عنصرا السرعة والدقة هما الأهم. لذلك يجب أن يتم جمع كل العناصر. أما في حال استخدام عنصر واحد لا يمكن فهم التهديد وتصوره جيدا ولهذا السبب يتم استخدام حلول باهظة ومعقدّة للقضاء على تهديد بسيط. فهو يعتبر حربا غير متوازنة.

تجري بعض التعديلات على الكاميرات لتخطي الحرارة والرطوبة. ولكن تثبيت المستشعرات مهم جدا ليحصل طاقم السفينة على صورة ثابتة. الرادار مجهز بالمثبتات ولكن يجب تثبيت الكاميرا.

مضيق هرمز: تحدّه شمالا إيران وجنوبا سلطنة عمان. يبلغ عرضه حوالي 40 كلم وطوله حوالي 63 كلم ولكن ليس مخصصا كليا للملاحة البحرية. فهناك ممرّان صالحان للملاحة يبعدان عن بعضهما قليلا، كل ممر عرضه 3 كلم تقريبا. الأول يصل الخليج بالمحيط الهندي والثاني يصل المحيط الهندي بالخليج. هذان الممران يعتبران عسكريا ضيقين. ولكنه ممر مائي دولي ولا يحق لأي كان إغلاقه، رغم قربه من شواطئ البلدين.

مضيق هرمز هو ممر مائي استراتيجي يمرّ فيه  حوالي 17 مليون برميل نفط يوميا، ويشكّل 40% من تجارة النفط العالمية.  كما يمر عبره حوالي 2400 حاملة نفط كل عام. ويتراوح عمقه بين 80 م و200 متر في الممرات التي تمر فيها ناقلات النفط. ويمر عبر المضيق حوالي 14 حاملة نفط يوميا باتجاه دول العالم.

شارك الخبر: