SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

إعتماد بغداد على الحشد الشعبي يثير التساؤلات حول أجندة مخفية

ByRiad Kahwaji

يونيو 12, 2015

رياض قهوجي*
الإعتماد المتزايد للحكومة العراقية على الميليشيات الشيعية – للقيام بمهام الجيش العراقي – زاد من[*] التساؤلات حول النوايا الحقيقية للعراق في الحرب الحالية ضد الارهاب، وما إذا كان هناك من أجندة مخفية مع الحليف الاستراتيجي – إيران – لإضعاف وتطهير الولايات السنية، وبالتالي الوصول إلى المناطق الغنية بالنفط في الشمال.

إن سهولة تقدم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا (داعش) إلى القرى والمدن السنية، دون مقاومة تذكر من قبل الجيش العراقي أو وحدات الشرطة شبه العسكرية، قد زاد شكوك العديد من المسؤولين والمراقبين الإقليميين والدوليين. وما كان مفاجئاً أكثر، هو مشاهدة الحكومة العراقية تطلب مؤازرة المليشيات الشيعية العراقية – المدعومة من إيران – تحت شعار قوات الحشد الشعبي PMF لتقوم بالعمل الذي يتوجب على القوات العراقية القيام به.

بحسب مصادر متعهدي الدفاع والامن العراقي، بغداد كانت تستثمر بقوة في انشاء قوات الحشد الشعبي، حيث “تنقل الحكومة العراقية اليهم معظم الأسلحة والذخائر التي يتم شراؤها، في حين يتم ترك قوات الأمن والجيش العراقي معظم الوقت بكميات ذخائر وقدرات دفاعية محدودة”، يقول أحد متعهدي الدفاع الذي يتعامل مع العراق، طالباً عدم ذكر اسمه. 

وأضاف المصدر “عندما تصل شحنة أسلحة إلى مطار بغداد، نرى الأمن العراقي يفسح الطريق أمام قوات الحشد الشعبي لتفريغ الحمولة في شاحناتهم، ونقلها بعيداً. حتى أن الحكومة العراقية توفر وثائق شرعية – مثل شهادات المستخدم النهائي – لتأمين المعدات لهم”. وبحسب مصدر أمني رسمي عراقي آخر (تحفظ أيضا عن ذكر اسمه) “خسر الجيش العراقي حوالي 65 بالمئة من أسلحته ومعداته وموارده، بين ما أعطته الدولة لقوات الحشد الشعبي وما صادرته داعش من مخازن الجيش العراقي”.

 آخر مدينة سيطرت عليها داعش كانت الرمادي، وتكرر فيها السيناريو نفسه الذي نفذ سابقاً في تكريت ومناطق أخرى عدة؛ مقاتلي داعش يهاجمون القوات العراقية، المدعومة من القبائل السنية فقيرة التسلح – والتي تخوض معارك يائسة بذخائر وموارد محدودة – ويتم تجاهل مناشدات المساعدة من بغداد إلى أن تسقط المدينة، وعندها تطلب الحكومة تدخل قوات الحشد الشعبي.

في تكريت، فشلت قوات الحشد الشعبي في طرد داعش من المدينة، وكان التحالف الدولي والعربي – الذي كان يقاتل داعش منذ البداية – قد رفض توفير التغطية الجوية لقوات الحشد الشعبي، خوفا من التورط في التشنجات المذهبية التي تجتاح العراق. حرر الجيش النظامي العراقي تكريت لاحقا من قوات داعش، مع الدعم الجوي لقوات التحالف. لكن قوات الحشد الشعبي دخلت المدينة بعد ذلك، وتم اتهامها من قبل منظمة حقوق الانسان Human Rights Watch)) بارتكاب أعمال وحشية ضد سكان المدينة ذات الاكثرية السنية الساحقة. طالب المسؤولون العراقيون السنة بجلسات استجواب عامة، ووعدت الحكومة بالتحقيق في الموضوع، لكن لم تجر ترجمة الوعود عملياً بعد. ويبقى العديد من سكان المدينة غير قادرين على العودة إليها بسبب الخوف من أعمال انتقامية لقوات الحشد الشعبي التي تستوطن المدينة.

ويبدو ان السيناريو نفسه يتكشف حالياً في الرمادي، حيث يطلب من ميلشيا شيعية دخولها لإخلائها من ميليشيا سنية. الدول العربية الأعضاء في التحالف الدولي، وبخاصة دول الخليج العربي، يبدو أنها علقت كل عملياتها في العراق. وبحسب مصدر رسمي خليجي، تم إبلاغ الولايات المتحدة – التي تقود التحالف – أن الطائرات الحربية العربية لن تشارك في أية عمليات تقدم الدعم الجوي لقوات الحشد الشعبي.

واشنطن – المعنية بوحدة التحالف – تبنت موقفا مشابها، وحثت بغداد على زيادة الاستثمار في بناء قواتها النظامية وتسليح رجال القبائل السنية لمحاربة داعش. وفيما تباطأت الحكومة العراقية في الإستجابة، تحرك الكونغرس الاميركي بشكل أسرع لتمرير قانون يسمح لواشنطن بتزويد القوات السنية والكردية في العراق بالاسلحة دون المرور ببغداد.

الرئيس الاميركي باراك أوباما طلب أيضاً إرسال المزيد من مستشاري الجيش الاميركي لتدريب القوات العراقية المسلحة. وفي كل الأحوال، يبدو أن السياسات الحالية التي تعتمدها الحكومة العراقية – الواقعة تحت تأثير إيران – تزيد من حدة المظالم السنية والشنجات المذهبية، لأن الحرب ضد داعش تستخدم كغطاء لاستهدافات مذهبية وكوسيلة لتوسيع السيطرة الشيعية في المناطق الشمالية الغنية بالنفط.

ومن هذا المنطلق، من المتوقع ان تجد بغداد نفسها قريبا في صراع مباشر مع دول الخليج العربي المحاذية، وحتى مع الغرب. ان زيادة قلق وسخط المواطنين العراقيين السنة – وبخاصة وسط القبائل المحافظة – يدفع المزيد من شبابهم للإلتحاق بداعش ونقل الحرب الحالية من حرب على الارهاب إلى صراع مذهبي في العراق مرة جديدة.

المجتمع الدولي مطالب بالمزيد من التدقيق والرقابة على صفقات السلاح التي يجريها مع العراق، وبفرض شروط أكثر صرامة لمراقبة ومحاسبة بغداد على تسليم الأسلحة والذخائر إلى المليشيات. إن تحول الحرب في العراق من حرب على داعش إلى صراع مذهبي سيتطور حتماً الى صراع اقليمي أوسع، على حساب الحرب ضد الارهاب، وسيدمر الأمن والإستقرار الإقليميين.

*الرئيس التنفيذي – إنيغما

شارك الخبر: