SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

هل خفض القوات الأميركية في ألمانيا هو مجرد تهديد من قبل ترامب؟

يبدو أن الرئيس ترامب “يفكر” بانسحاب جزئي للقوات العسكرية الأميركية من ألمانيا. وبحسب ما نقلت DW في 10 حزيران/ يونيو، في الوقت الذي يتحدث فيه سياسيون من كلتا ضفتي الأطلسي عن الأمر، لا تريد واشنطن توضيح خططها، فهل هو مجرد تهديد من قبل ترامب؟

مساعي ترامب لخفض قوات بلاده بألمانيا.. كيف تراها برلين؟
مايزال نحو 35.000 جندي أميركي منتشرين في مختلف المواقع في المانيا. وخلال ذروة الحرب الباردة كان عددهم أكبر بعشر مرات. لكن الرئيس دونالد ترامب ينوي تقليص وجود القوات الأميركية في بلد أسلافه بحوالي 10.000 جندي. وهذا ما ذُكر إلى حد الان في تقارير إعلامية تستند إلى ممثلين حكوميين أميركيين.

وفي برلين لم يشأ المتحدث الحكومي، شتيفن زايبيرت بداية أي سبب للرد على ذلك، وقال: “إذا وُجدت معلومات رسمية، فإمكاننا إثرها أيضا اتخاذ موقف. فالتقاير الاعلامية البحتة ليست حافزا بالنسبة إلينا”. وزايبيرت فعل ما تفعله رئيسته، المستشارة أنغيلا ميركل: فعوض الرد بقوة على تهديد مفترض، نوه بعمل الوحدات الأميركية في “إطار الحلف” الذي يضمن أمننا.

لكن أولريكه ديمر، نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية، قالت اليوم الأربعاء (10 يونيو/حزيران) أنه ” تم إخطار الحكومة الألمانية بأن هناك تفكيرا في الإدارة الأمريكية لتخفيض تواجد القوات المسلحة في ألمانيا”. وأضافت:” ووفقا لمعلوماتنا، فإنه لا يوجد قرار نهائي بعد في هذا الشأن”.

“خطأ فادح”

وحتى لو أنه لم يصدر أي تأكيد رسمي من جانبل واشنطن، فإن الخبر أثار قلق الساسة في برلين. فالمسيحي الديمقراطي، بيتر باير، منسق العلاقات الأطلسية اعتبر أن انسحاب الوحدات “سيزعزع ركائز العلاقات الأطلسية”. أما زميله في الحزب، يوهان فادبول فرأى في إعلان ترامب دعوة إضافية كي تعتمد أوروبا عسكريا على نفسها. لكن في الوقت الذي يشتكي فيه العديد من السياسيين من عدم الثقة بترامب، يدعو نائب رئيس كتلة الحزب الليبرالي، الكسندر غراف لامبسدورف إلى عدم قطع خيوط الحوار.

وانتقاد ترامب يأتي أيضا من الجانب العسكري الأميركي من شخص عارف بهذه القضايا السياسة الأمنية. والقائد الأعلى السابق للقوات الأمريكية في أوروبا، بن هودغس الذي كان مرابطا قبل احالته على التقاعد في مدينة فيسبادن وسط غربي المانيا، حذر في تغريدة من أن أي انسحاب سيكون “خطأ فادحا” و”هدية” للرئيس الروسي فلادمير بوتين: “الوحدات الأمريكية ليست موجودة في أوروبا لحماية الألمان”، كما أفادت تغريدته. فجزء من حلف الناتو من مهمتها “حماية جميع الأعضاء بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية”. وكولن باول من الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب أضاف بأن انسحاب القوات هو جزء من سياسة تدفع “فعليا كل واحد في العالم” على أن يكون ضد أمريكا. وهذا ليس في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية. وأعلن باول بأنه ينوي التصويت في الانتخابات الرئاسية المرتقبة لصالح الديمقراطي جو بايدن.

أهمية استراتجية للقواعد الأميركية في ألمانيا

وليست هذه هي المرة الأولى التي يهدد فيها ترامب ألمانيا بسحب القوات، بمببر أنها تستفيد من الحماية الأمريكية بدون فعل ما يكفي للدفاع. وبولندا في المقابل تقوم بذلك على الوجه الصحيح بميزانية تسلح أعلى ـ كما يرى ذلك ترامب، وبالتالي هو يريد مكافئة بولندا. وقبل عام أثار خلال زيارة للرئيس البولندي أندري دودا إلى واشنطن فكرة نقل القوات الأمريكية من المانيا إلى بولندا، ودودا أراد تسمية هذه القاعدة للتعبير عن الشكر „Fort Trump”.

وبنقل للوحدات هدد بعدها بقليل ريتشارد غرينيل، السفير الأمريكي في المانيا الذي عاد في الأثناء إلى واشنطن. ورئيس الوزراء البولندي قال مجددا بأنه يأمل أن يتم نقل جزء من الجنود الأمريكيين في حال مغادرتهم المانيا إلى بلده. وفي حال أخذ ترامب هذا الأمر على محمل الجد، فإن المخطط لن يكون فقط إشارة سياسية مثيرة للجدل، بل حتى من الناحية التنظيمية صعبة التنفيذ، لأن القواعد الأمريكية في المانيا ليست من درجة ثانوية. فمن مطار رامشتاين في ولاية رينانيا بلاتينا تنطلق مثلا التدخلات العسكرية في الشرقين الأدنى والأوسط وإلى أفغانستان. ومن المقر الرئيسي في شتوتغارت ينسق الأمريكيون قواتهم في أوروبا وافريقيا. والمستشفى العسكري الأمريكي في لاندسهوت بالقرب من رامشتاين هو الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة. وحتى لو أن عدد الجنود تم تقليصه بقوة، فإن المانيا ماتزال البلد الذي يضم غالبية الجنود الأمريكيين في أوروبا ويلعب بالنسبة إلى المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة عالميا دورا حاسما. وإذا ما تم نقل وحدات عسكرية أميركية كبيرة إلى بولندا، فإن روسيا ستفهم ذلك كاستفزاز كبير والرد بالمقابل. و لا أحد في حلف الناتو له اهتمام بذلك.

ربما لا يوجد مخطط

ولكن ما هو المبرر المحتمل لتهديد واشنطن بسحب قواتها من ألمانيا؟ هل ذلك يعود لكون ميركل لا ترغب في السفر إلى قمة الدول الصناعية السبع في الولايات المتحدة الأمريكية، وتستفز بذلك ترامب؟ وهذا ما يفترضه مثلا الخبير في الشؤون السياسة الخارجية من الحزب المسيحي الديمقراطي، يورغن هارت، وكذلك يورغن تريتين من حزب الخضر. والمتحدث الحكومي، شتيفن زايبيرت أوضح مرة أخرى أن رفض ميركل ليس له أسباب سياسية.

والمسألة تدور حاليا حول ما إذا كانت خطط انسحاب القوات الأميركية مطروحة على الطاولة، لأنه بعد أربعة أيام لا أحد يريد في البيت الأبيض ولا في وزارة الدفاع الأمريكية الكشف عن تفاصيل أكثر. ومن الممكن أن يكون كل شيء مجرد تهديد فارغ ولن يحصل انسحاب. وهذا ما قاله على الأقل السفير الأمريكي السابق في المانيا، جون كورنبلوم في مقابلة صحفية. وعمدة مدينة غرافينفور البفارية، ادغار كنوبلوخ يستبعد تنفيذ انسحاب أمريكي من المانيا، ويؤكد بأن الأمريكيين قاموا بتجهيز القاعدة الأمريكية في البلدة بمعدات تقنية.

شارك الخبر: