SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

السعودية وتوطين الصناعات العسكرية: خطوات ثابتة واستقطاب لكبرى الشركات

مقاتلات سعوديةلقطة من التحليق المشترك بين القوات الجوية السعودية والأميركية في منطقة الخليح (وكالة الأنباء السعودية)

أغنس الحلو زعرور

منذ أن أعلنت المملكة العربية السعودية رؤية 2030 عام 2016 إلى اليوم بقيت الصناعات العسكرية والدفاعية في صميم هذه الرؤية وختصة لناحية توطينها في المملكة. ولعلّ أبرز تجليات هذا السعي هو عندما أعلنت المملكة في شباط 2021 أنها لن تسمح لاستكمال أعمال أي شركة في حال لم يكن مركزها الرئيسي في الشرق الأوسط داخل المملكة. ولكن أين أصبح هذا التوطين؟ وهل فعلاً بدأت الشركات الدفاعية العالمية بإنشاء مقراتها الرئيسية في السعودية؟

وعلى صفحتها على موقع تويتر، نشرت الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية Gami، ” يقع توطين قطاع الصناعات العسكرية بالمملكة في صميم أهداف رؤية المملكة 2030. وخلال الـ4 سنوات الماضية، تضاعفت نسبة التوطين، من 2% في 2016 إلى 8% بنهاية 2020. مستمرون بالعمل مع كافة شركائنا المحليين والدوليين على بناء منظومة عمل متكاملة لاستكمال مسيرة التوطين.”

واعرب محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد بن عبدالعزيز العوهلي عن فخر الهيئة بما تحقق في بدايات مسيرة توطين الصناعات العسكرية. “بدأنا في مرحلة البناء، وسترتفع نسبة التوطين تدريجياً، حيث ستتصاعد خلال الأعوام القليلة القادمة إن شاء الله لتصل الصناعة إلى مرحلة النضج الكامل بدعم الهيئة وشركائنا في القطاع.”

ولكنّه أكد مرة أخرى المؤكّد، “نرحب بالمستثمرين، وملتزمون بشروط التوطين، وقالها سمو ولي العهد بوضوح: لا صفقة سلاح بلا محتوى محلي”.

ومع بلوغ توطين الصناعات العسكرية 8% بنهاية العام الماضي،  تخطو السعودية خطىً ثابتة لبلوغ هدفها وهو توطين 50% من الصناعات العسكرية بحلول 2030. وتشمل خطط المملكة توطين الصيانة وخاصة للطائرات العسكرية، عبر شركات محلية مثل شركة الشرق الأوسط لمحركات الطائرات، تعزيز المشاريع المشتركة بين شركات سعودية وغربية عبر Joint Ventures يتم من خلالها إنتاج أجواء من الأنظمة الدفاعية داخل المملكة وتساهم الشركات الوطنية بجزء كبير من سلاسل الإمداد والتوريد، ودعم التقنيات الناشئة emerging technologies من الأمن السيبراني، إلى الأنظمة المسيّرة وإلى تقنيات مكافحة هذه الأنظمة.

ولعل هذه التقنيات الحديثة التي احلّت حيّزا كبيرا من عالم الدفاع اليوم، هي التي ستسمح للدول الخليجية في طليعتها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية من اختراق الأسواق الدفاعية وحتى المنافسة عالمياً في هذا المجال.

وفي إنجاز سعودي عالمي؛ المملكة العربية السعودية تحصد المرتبة 2 من بين 193 دولة في المؤشر العالمي للأمن السيبراني الذي تصدره وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات – الاتحاد الدولي للاتصالات.

أما فيما يتعلّق بالعلاقات الأميركية السعودية، ورغم سحب بعض المعدات الدفاعية مثل أنظمة الدفاع الجوي ثاد وبطاريات صواريخ الباتريوت ، وعدد من الجنود من المملكة، إلا أن مجلس الأعمال السعودي الأميركي يبحث مع “الصناعات العسكرية” الفرص الاستثمارية باستمرار.

وخلال جلسة افتراضية لمجلس الأعمال، قال العوهلي: “إن جائحة كورونا وما خلّفته من تداعيات خلال العام 2020، دفعت قطاع الدفاع والأمن في العالم للتركيز بشكل كبير على التحول في سلاسل الإمداد لتصبح أكثر متانة وأكثر ديناميكية، مشيراً إلى أن موقع المملكة الإستراتيجي بوجودها في صلب سلاسل الإمداد الدولية، وما تتمتع به من مقومات وميزات جاذبة، يجعل منها الوجهة المثالية للاستثمار في هذا القطاع بشكل خاص وبقية القطاعات الصناعية الأخرى بشكل عام، لا سيما في ظل الجهود المتضافرة بين الأجهزة الحكومية كافة لبناء أحد أفضل البُنى التحتية اللوجستية عالميًا وأكثرها تطورًا وحداثة.

وعن إستراتيجية قطاع الصناعات العسكرية في المملكة عدّ معاليه اعتماد إستراتيجية قطاع الصناعات العسكرية في المملكة تحولاً نوعياً على صعيد السعي نحو تحقيق طموحات القيادة الرشيدة بتوطين ما يزيد عن 50% من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية بحلول 2030، وللإسهام في تعزيز التنوع الاقتصادي للمملكة عبر دعم الناتج المحلي الاجمالي، لافتاً النظر إلى أن المملكة تعمل الآن على تسريع وتيرة التوطين.

من جانبه أشار الرئيس التنفيذي لمجلس الأعمال السعودي الأمريكي ديلانو روزفلت إلى تطلع المستثمر الأميركي في أن يكون جزءاً داعماً في تحقيق إستراتيجية القطاع الواعدة، ومؤكداً التزام المجلس تسهيل العلاقات الاستثمارية بين الجانبين السعودي والأمريكي في القطاع، والتعريف بالفرص النوعية وبيئة الأعمال الاستثمارية في المملكة.

وفي مقابلة سابقة مع الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للصناعات العسكرية SAMI، وليد أبوخالد، وردا على سؤال، “إدارة بايدن تتخذ موقفاً أكثر صرامة من سابقتها عندما يتعلق الأمر بالسعودية. هل ستنوع SAMI مشاريعها المشتركة من خلال ربما العمل مع الشركات الصينية إذا ثبت صعوبة العمل مع الشركات الأميركية؟”

أجاب أبوخالد “لا أرى أي صعوبة في تأمين مشاريع مشتركة مع الشركات الأميركية. سأستمر في التمسك بشركائي ، وسننمو معًا في المنطقة ، جنبًا إلى جنب. إذا كانت لدينا تحديات ، فسنساعد بعضنا البعض في التغلب عليها. ليس لدي أي خطة للخروج من شركائي الحاليين جغرافيا. لا توجد خطة للتحول إلى الشركات الصينية من أجل التعاون.”

تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الخامسة في العالم من حيث الإنفاق على الجيش والدفاع ، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI). خلال عام 2020 ، ظلت الولايات المتحدة أكبر مصدر للأسلحة في العالم بينما ظلت المملكة العربية السعودية أكبر مستورد في العالم. شكلت الولايات المتحدة 37 في المائة من مبيعات الأسلحة العالمية خلال الفترة 2016-2020.

وبحسب تقرير مجلس الأعمال السعودية الأميركي، أعلنت الحكومة عن تخصيص 175 مليار ريال سعودي (47 ​​مليار دولار) للقطاع العسكري في عام 2021 ، بانخفاض 10٪ عن 195 مليار ريال (52 مليار دولار) في الإنفاق العسكري التقديري لعام 2020. وتجاوز الإنفاق التقديري الفعلي المستوى المقرر في الميزانية بنسبة 7٪. من المتوقع أن يظل الإنفاق الدفاعي في عامي 2020 و 2021 دون مستويات عام 2019 ، مما يعكس انخفاضًا واسع النطاق في النفقات الإجمالية حيث تهدف المملكة إلى خفض عجز ميزانيتها في عام 2021 بنسبة 53٪. وهذا يضع القطاع العسكري خلف الإنفاق على التعليم فقط والذي سيبلغ إجماليه 186 مليار ريال سعودي (50 مليار دولار) ومرتبط بالإنفاق على الصحة والتنمية الاجتماعية والذي سيبلغ إجماليه 175 مليار ريال سعودي (47 ​​مليار دولار) في عام 2021.

تلعب شركات الدفاع الأميركية دورًا مهمًا في قطاع الدفاع في المملكة العربية السعودية ، حيث تتمتع لوكهيد مارتن ، ورايثيون ، وبوينغ ، ونورثروب جرومان ، وجنرال دايناميكس ، وإل 3 هاريس بعلاقات طويلة الأمد مع الشركات الدفاعية في المملكة. تضمنت هذه العلاقات الطائرات العسكرية وأجزائها من خلال المبيعات العسكرية الأجنبية FMS ، وتقنيات القتال الأرضي ، وتقنيات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع ISR  مع  أعمال الصيانة المرتبطة بها .

هذا وشمل تسليم المعدات العسكرية الرئيسية الأخيرة من الولايات المتحدة إلى المملكة العربية السعودية تسليم 23 نظام دفاع جوي وصاروخي باتريوت PAC-3 بين عامي 2014 و 2018 وتسليم 154 طائرة مقاتلة من طراز Boeing F15SA في عام 2016. في عام 2017 ، حصلت الولايات المتحدة على 413 ريال سعودي مليار دولار (110 مليارات دولار) صفقة أسلحة شملت عدة أنظمة صواريخ ثاد ومختلف المركبات الجوية والبرية والبحرية وعقود الذخيرة. في عام 2020 ، تمت الموافقة على شركة بوينغ لتسليم شراء ذخائر قنابل ذات قطر صغير بقيمة 1.1 مليار ريال سعودي (290 مليار دولار أميركي) ووقعت عقدًا محتملاً لمدة 10 سنوات بقيمة 37 مليار ريال سعودي (9.8 مليار دولار أمريكي) لتحديث تخفيض بنسبة 4٪ من عام 2020 بنسبة 18٪ من إجمالي ميزانية 2021 ريال سعودي 175 مليار سعودي (47 مليار دولار) لأسطول طائرات F-15 في المملكة العربية السعودية. وشملت المبيعات الرئيسية الأخرى للمملكة العربية السعودية المركبات ذات العجلات متعددة الأغراض عالية الحركة ، والمركبات المدرعة الخفيفة ، وطائرات الهليكوبتر من طراز Blackhawk و Chinook ، والسفن القتالية السطحية متعددة المهام.

إذا، تظهر الأرقام وبوضوح خطط التوطين مع إنخفاض الإنفاق التوجّه نحو التصنيع المشترك للمعدات العسكرية.

ولعلّ استعدادت المملكة العربية السعودية لأول معرض دفاعي ضخم على أراضيها وهو World Defense Show، الذي سيقام بين 6 و 9 آذار من 2022، يعزّز توجّهات المملكة في توطين الصناعات العسكرية ومن المتوقّع أن يضمّ هذا المعرض الضخم جداً أنظمة الدفاع البرية والبحرية والجوية وأحدث تقنيات الأمن السيبراني.

شارك الخبر: