
سامي أورفلي
صُممت طائرة ”ميراج ”2000 الفرنسيّة في أواخر السبعينيات من القرن العشرين لتكون مقاتلة خفيفة الوزن أحاديّة المحرّك. تم تطويرها بعد سلسلة مشاريع لإنتاج مقاتلة جديدة امتدت من العام 1965 إلى العام.1975 وقد حلقت ”ميراج ”2000 التي تدعى أحياناً “دلتا ”2000 – لأول مرة في عام 1978 لتدخل الخدمة الفعليّة عام 1984، أي بعد مضيّ ست سنوات على أوّل رحلة لها.
أحد أهداف شركة ”داسو” في تطويرها وتقديمها لطائرة ”ميراج ”2000 هو منافسةَ مقاتلة “إف-” 16 لاسيّما بعد أن تفوّقت الأخيرة على مقاتلة ”ميراج إف1″ في أسواق التّصدير لدول عدّة مثل بلجيكا والدنمارك وهولندا والنرويج.
تتميز مقاتلات ”ميراج ”2000 بسرعة استعدادها وانطلاقها من قواعدها لاعتراض الأهداف، إلى جانب نظام القيادة بالسلك Fly by wire الأفضل في جيله، وتتمتع بمنظومات تنبيه دفاعية عالية المستوى، وإمكانية دمج حواضن تشويش خارجية بها؛ فرنسية أو إيطالية أو إسرائيلية عالية القدرة لحماية التشكيلات القتالية والهجومية من أنظمة الدفاعات الجويّة المعادية، كما تتمتّع بحواضن الاستطلاع الإشاراتيّ والتّصوير الميدانيّ والتّصويب اللّيزري لتوجيه القنابل.
تمتلك” ميراج ”200ترسانة كبيرة من القنابل الموجهة وغير الموجهة مختلفة الأوزان منها الفرنسي والأمريكي ومؤخرًا الإماراتي، إلى جانب الصّواريخ المضادّة للسّفن والرّدارات والمدرّعات ومنها الصّواريخ الحراريّة والرّداريّة شبه النّشطة.
وتتشابه بعضُ مميزاتها مع المميّزات الأساسيّة لمقاتلات “إف - “16 التي تعطي الأولوية للتكلفة التشغيلية وللمدى الطويل وللقدرة العالية على التّحمل. وبالرّغم من أنّ تكلفة “ميراج 2000” كانت أعلى من تكلفة طائرة “إف - “16 لأسباب منها؛ انخفاض كفاءة قطاع الدّفاع الفرنسيّ وحجم الإنتاج، تبقى التّكلفة التشغيليّة للطّائرة الفرنسيّة أقلّ من نظيرتها الأمريكية ومن مقاتلات سوخوي الروسية بحسبما أكّد قائد سلاح الجو الهندي السابق أنيل شوبرا في مقابلة أُجريت معه.
ورغم استخدام مقاتلات “ميراج “2000 محركًا أضعف بشكل كبير من محرك ”إف ”110 – القوي الخاص بطائرة ”إف – ”16 وتصميمها غير المثالي للمناورة على ارتفاعات منخفضة، فقد تمّ شراء مقاتلات “ميراج” من قِبَل عدد من العملاء لتنويع مصادر أسلحتهم، ومنهم الإمارات العربية المتحدة وقطر ومصر.
تسلّمت مصر أول مقاتلات “ميراج” في عام ،1986وكان السّرب مكونًا من 14 مقاتلة. وتشير التّقارير إلى أنّ القوّات الجويّة المصريّة قد حصلت في النّهاية على 20 طائرة ”ميراج” مشكّلةً سربًا واحدًا صغيرًا جعلت من القوّات الجويّة المصرية أول عميل خارجيّ لمقاتلة “ميراج ”2000
تُعتبر مقاتلات ”إف ”16 - عمومًا أكثر قدرة من مقاتلات ”ميراج” إلاّ أنّ قدرات المقاتلات التي بيعت إلى مصر من نوع ”إف - ”16 كان قد تمّ تخفيضها بشكل كبير، كما لم يتم تزويدها بذخائر حديثة لاستخدامها في الجو أو في الضربات، مما يعني أن مقاتلات ”ميراج ”2000 التابعة للقوات الجوية المصرية ربما هي أكثر قدرة.
وبسبب حرمان مقاتلات ”إف – 16″ التّابعة للقوّات الجويّة المصريّة من صواريخ “AIM-120”بدأت مصر في التقليل من الاعتماد عليها، واتّجهت إلى الحصول على جيل جديد من الطائرات المقاتلة من طراز ”ميغ 29 أم/ أم ”2 و”سو ”35 – وقد زُوّدت هاتان الطّائرتان الروسيّتان بصواريخ حديثة من نوعها مثل:” آر ”77- و “آر ”73- إلى جانب ”آر 37 أم”.
ومن جهة أخرى، قامت فرنسا ببيع مصر صواريخ “ميكا” ضمن صفقة مقاتلات الرافال، التي من الممكن دمجها بمقاتلات ”ميراج ،”2000 وعلى الرغم من أنّ هذه الصّواريخ غير استثنائية إلا أنّها ستمثل تقدّماً كبيرّا لمقاتلات ”ميراج ”2000 مقارنةً بصواريخ .”AIM-7”
وفي حديث خاصّ لمجلّة الأمن والدّفاع العربيّ مع الباحث المصري في علوم الطّيران العسكريّ أيمن عادل، أوضح أنّ :النسخة المصرية من مقاتلات ”ميراج ”2000 توازي مقاتلات “إف – 16 بلوك ”32/30 و”بلوك ”42/40 فهما باستطاعتهما القيام بمهام متعدّدة، كما يمكن تجهيزهما بصواريخ جو-جو متوسطة المدى شبه نشطة حرارية وغيرها، وقنابل موجهة وغير موجهة وصواريخ جو-أرض مضادة للمدرعات والردارات والسفن.
وأردف قائلاً إنّ :كفاءة رادارات مقاتلات” إف 16 – بلوك ”52 الأمريكية التابعة للقوّات الجوّيّة المصريّة أعلى من الموجودة في” ميراج ”2000 وكذلك نظام عرض المعلومات والقيادة، ودقة استهدافها أعلى، وحمولتها أكبر ومداها أطول، وأضاف أن مقاتلات” إف 16 بلوك “52 توازي “ميراج .”5-2000
بالرّغم من قابليّة التّشغيل البينيّ لـ ”ميراج 2000 إي أم” مع ”رافال “فإنّ إمكانيّة تقاعد الأولى تلوح في الأفق، بسبب عبء صيانتها الكبير وتقدّم عمرها حيث تُعتبر من أقدم طائرات “ميراج ”2000 في العالم، الأمر الذي يستبعده الخبير العسكريّ المصريّ لظهور ”ميراج ”2000 في عدد كبير من التّدريبات الجويّة العسكرية داخل مصر وخارجها كتدريبات النجم السّاطع، و سكاروس مع سلاح الجو الفرنسي، و حورس مع سلاح الجو اليوناني في عام ،2015ممّا يثبت أنّ طائرة” ميراج” مازالت قادرة على القيام بمهمّاتها على أكمل وجه وعلى المشاركة في مهمّات سلاح الجو المصري.
وحين سُئل عن احتمال تقاعد سرب” ميراج” المصري أشار أيمن عادل إلى مشاركة الطائرات المستمرة في تأدية المهمات المطلوبة منها، والى أنّ القرار في هذا الموضوع عائدٌ إلى القيادة المصرية والى حالة بدن الطائرات وقدرتها على المتابعة.
والجدير بالذكر أن المقاتلة الفرنسيّة الصنع قد شهدت في الأونة الأخيرة مشاكل خطيرة، من تشقّقات في هياكلها، وتقادم عمر صواريخها، ونقص توافر قطع الغيار لصيانتها وتحديثها مقارنةً بمثيلتها “إف - “16 الأمريكية، كما أدّى سوء تصنيعها إلى ارتفاع معدّل حوادث تحطّمها حيث فقدت تايوان 10٪ من أسطولها.
وعليه، هل تشهد “ميراج 2000 إي أم” تقاعدًا مبكرًا لاسيما وأن العديد من الدول، بما فيها تايوان والإمارات العربية المتحدة وقطر واليونان، تسعى إلى التخلص من أساطيلها؟
اترك رد