رياض قهوجي – مدير عام مجلة الأمن والدفاع
يشهد قطاع صناعة الطائرات تطورات سريعة ونقلات كبيرة ستبقي القوات الجوية في صدارة قطاعات الدفاع في العالم من حيث أهميتها في الجيوش الحديثة. ففي حين تسعى القوات المسلحة في الدول العربية بشكل عام، والخليجية بشكل خاص إلى اقتناء مقاتلات الجيل الخامس من أجل إحداث نقلة نوعية في قدرات قواتها الجوية يبقي على تفوقها النوعي ضد خصومها في المنطقة وتحديداً إيران، تعمل الولايات المتحدة على تطوير أسطولها الجوي وجعله أكثر اعتماداً على الطائرات من دون طيار من أجل تخفيض التهديد ضد طياريها.
الجيل الخامس للخليج
دخلت المفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية ودولة الإمارات العربية المتحدة المراحل الأخيرة للإتفاق على صفقة تزويد سلاح الجو الإماراتي بمقاتلات الجيل الخامس (F-35 Joint Strike Fighter) لتكون بذلك أول دولة عربية تحصل على هذا الطراز الذي يملك مميزة الشبح والإقلاع الشبه عامودي من مدرجات قصيرة. وحسب مصادر عسكرية وصناعية، فإن المباحثات بين الطرفين تقتصر اليوم على بعض الأنظمة الحساسة في الطائرة والتي تحتاج إلى تصاريح خاصة بالتصدير إلى الخارج. لم تكشف المصادر عن قيمة الصفقة والتي ستقتصر في المرحلة الأولى على شراء سربين (24 طائرة) من هذه المقاتلات المتعددة المهام. وتضيف المصادر عينها بأن المملكة العربية السعودية تسعى أيضاً للحصول على طائرات أف-35، وبأن المحادثات تحدث تقدماً مهماً، من دون إضافة أي معطيات أخرى.
تتوقع مصادر عسكرية خليجية بأن تشتري الإمارات بضعة مقاتلات سوخوي Su-35 من روسيا
هذا، في حين تتوقع مصادر عسكرية خليجية بأن تشتري الإمارات بضعة مقاتلات سوخوي Su-35 من روسيا وذلك لاستخدامها في تدريب طياريها على مواجهة هذا الطراز من المقاتلات المتقدمة والمتوقع أن تصبح مقاتلات الصف الأول في جيوش دول في المنطقة ومنها إيران. وتعمل الإمارات اليوم على تحديث مدارس التدريب لطياريها عبر إدخال برنامج التدريب الميداني على المواجهات الجوية إسوة بما تعتمده الدول المتقدمة في أووبا وأميركا. تجدر الإشارة إلى أن سلاح الجو الإماراتي يعتمد اليوم بشكل أساسي على 124 مقاتلة من طراز أف- 16 بلوك 60 و65 مقاتلة ميراج .9 – 2000
تدرس الإمارات إمكانية التعاون مع اليابان في تطوير طائرة النقل سي - 2 لتدخل لاحقاً سلاح الجو الإماراتي
اليابان - الإمارات
وعلى صعيد آخر، تدرس الإمارات إمكانية التعاون مع اليابان في تطوير طائرة النقل سي- 2 لتدخل لاحقاً سلاح الجو الإماراتي كطائرة النقل المتوسطة الأساسية. ولقد أجرت وفود من القوات الجوية للبلدين سلسلة من المحادثات خلال الأشهر الماضية حول اتفاقية التعاون. طائرة السي- 2 هي من إنتاج شركة كاواساكي اليابانية، وقد دخلت الخدمة قبل عام واحد في سلاح الجو الياباني الذي يتجه للحصول على 40 طائرة منها. وأظهرت نيوزيلندا اهتماماً بشراء تلك الطائرة القادرة على نقل ما يقارب 32 طناً لمسافة 7600 كلم، والتحليق على علو 40 الف قدم، وبسرعة تصل حتى 890 كلم/الساعة، ومجهزة بأنظمة ملاحة متطورة جداً .وإذا ما نجحت المفاوضات مع الإمارات التي تطمح للعب دور صناعي- تطويري في الطائرة، فستكون صفقة السي- 2 باكورة دخول اليابان نادي مصدري العتاد العسكري للشرق الأوسط. فاليابان ممتنعة عن تصدير المنتجات العسكرية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. إلا أن ارتفاع منسوب التهديدات في جنوب-شرق آسيا من الصين وروسيا وكوريا الشمالية قد دفع بالحكومة اليابانية الى مراجعة سياستها الدفاعية وتشجيع الصادرات العسكرية والتعاون الإنتاجي مع الدول الصديقة من أجل توفير سيولة لبرامج تسلحها تمكنها من مواجهة المخاطر المتجددة حولها.
بناء أسطول طائرات من دون طيار أميركي
أما فيما يخص التقدم الذي تشهده صناعة الطائرات، فلقد أفادت مصادر أميركية مطلعة بأن الولايات المتحدة تقوم بإجراء تجارب على مقاتلاتها من الجيل الرابع من طرازي أف - 15 وأف - 16 لتحويلها إلى طائرات من دون طيار، واستخدامها على نطاق واسع في الحروب المستقبلية. وحسب تلك المصادر فإن الإدارة الأميركية تنظر في سبل تخفيض المخاطر التي تتهدد طياريها الذين يشاركون اليوم بشكل أكبر في عمليات دولية في إطار الحرب على الإرهاب .ومع التقدم في البرامج الملاحية للطائرات من دون طيار ووجود عدد كبير من مقاتلات جيل الرابع التي ستخرج من الخدمة في السنوات المقبلة مع دخول طائرات أف 35 – الخدمة العملياتية إلى جانب طائرات أف – ،22 فإن القادة العسكريين قرروا تزويد جزء كبير من مقاتلات أف - 15 وأف - 16 بأنظمة قيادة وسيطرة تحولها إلى طائرات مسيّرة عن بعد قادرة على شن هجمات جوية أو حتى الاشتباك الجوي، مستخدمة كافة الأسلحة المتنوعة التي هي أصلاً مجهزة لاستخدامها.
أن الولايات المتحدة تقوم بإجراء تجارب على مقاتلاتها من الجيل الرابع من طرازي أف - 15 وأف - 16 لتحويلها إلى طائرات من دون طيار
وحسب المصادر ذاتها، لن يوقف هذا البرنامج الخطط الأخرى القائمة حالياً لبناء طائرات قتالية من دون طيار مثل البريداتور والريبر وغيرها، بل أن تلك الطائرات ستشكل أسراباً مساندة لطائرات أف - 15 وأف - 16 المسيّرة عن بعد، مما سيعطي الولايات المتحدة القدرة على تنفيذ عمليات جوية متنوعة تشمل النقل والرصد والإنذار المبكر والتزود بالوقود جواً. ويقدّر عدد المقاتلات العاملة حالياً في سلاح الجو الأميركي من طرازي أف- 15 و أف- 16 بحوالي 1150 طائرة. ومن غير المعروف حتى الآن عدد الطائرات التي سيتم تحويلها إلى طائرات من دون طيار وما المهام التي ستوكل إليها. لكن هذه الخطوة ستحدث نقلة نوعية جديدة في الحرب الجوية والحروب المستقبلية بحيث لا يشكل قلق الخسائر البشرية في صفوف الجهة المعتمدة على طائرات من دون طيار في حساباتها للحرب والسلم، خاصة إذا ما كانت الطرف المبادر للهجوم.
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة اليوم تواجه تهديدات متزايدة من لاعبين دوليين وفي طليعتهم كوريا الشمالية التي تطور قدراتها النووية والصاروخية. كما أنها بصدد تصعيد موقفها من عمليات إيران في كل من سوريا والعراق، ما قد يفتح الأفق نحو مواجهات مستقبلية. هذا بالاضافة إلى عمليات أميركا الجوية المستمرة في إطار ما يعرف بالحرب الدولية على الإرهاب والتي تشمل عمليات لقواتها الجوية في مناطق عدة مثل اليمن وافغانستان وباكستان والصومال وليبيا. ولا تزال أميركا تتمتع حتى اليوم بتفوق جوي ملحوظ ضد خصومها التقليديين لصين وروسيا الذين يسعون لتوسيع مناطق نفوذهم حول العالم. ويبدو أن أميركا ستحتفظ بتفوقها الجوي عالمياً لمزيد من الوقت.
[post_grid id=”49259″]