كما كان متوقعا، استخدم الرئيس دونالد ترامب في 16 نيسان/ أبريل حقه في تعطيل قرار تبناه الكونغرس يطالبه بوقف الدعم الأميركي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، مستخدما بذلك صلاحيته هذه للمرة الثانية ضد قرار يتخذه البرلمانيون، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس للأنباء.
وقال ترامب في بيان حول هذا النص الذي تبناه مجلسا الكونغرس مطلع نيسان/ أبريل الجاري، إن “هذا القرار يشكل محاولة غير مجدية وخطيرة لإضعاف سلطاتي الدستورية، ويعرّض حياة المواطنين الأميركيين والجنود الشجعان للخطر سواء اليوم أم في المستقبل”.
وكان قرار الكونغرس اعتبر ضربة موجهة إلى الرئيس الأميركي نظرا للأغلبية التي يتمتع بها في مجلس الشيوخ. واتخذ المجلس حينذاك قانونا أقر في 1973 يحد من الصلاحيات العسكرية للرئيس في نزاع في الخارج.
ودعا أعضاء الكونغرس إلى إنهاء العمليات العسكرية في اليمن حيث تقدم وزارة الدفاع الأميركية منذ 2015 “دعما غير قتالي” للتحالف الذي تقوده السعودية الخليفة التاريخية للولايات المتحدة.
وشهدت العلاقات بين الرياض وواشنطن فتورا بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في تشرين الأول/اكتوبر 2018 في القنصلية السعودية في اسطنبول، بيد مجموعة قدمت من الرياض.
وأثار ضعف موقف ترامب حيال ولي العهد السعودية الأمير محمد بن سلمان الذي اعتبره مجلس الشيوخ “مسؤولا” عن مقتل خاشقجي، الاستياء حتى في معسكره.
وأكد ترامب في بيانه الذي نشره البيت الأبيض “نقدم هذا الدعم لاسباب عدة. أولا من واجبنا حماية أمن أكثر من ثمانين ألف أميركي يعيشون في بعض دول التحالف التي كانت عرضة لهجمات الحوثيين من اليمن”.
واشادت الإمارات التي تشارك في التحالف بقيادة السعودية، الأربعاء بقرار الرئيس الأميركي مؤكدة أنه “يأتي في الوقت المناسب والاستراتيجي”.
وكتب وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة على حسابه على تويتر باللغة الإنكليزية أن “تأكيد الرئيس ترامب على دعمه للتحالف العربي في اليمن إشارة إيجابية”.
وأضاف أن “التحالف يواصل العمل من دون انقطاع لدعم السلام” مؤكدا “التزام التحالف بالأبعاد الإنسانية والسياسية تجاه أزمة اليمن لا يتزعزع”.
– دعم يواجه اعتراضا –
يشهد اليمن نزاعا مدمرا منذ تدخل تحالف عربي بقيادة السعودية في آذار/مارس 2015 لدعم القوات الموالية للحكومة في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الخصم الشيعي للسعودية في الشرق الأوسط.
وأدى هذا النزاع إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم حسب الأمم المتحدة، وقتل فيه نحو 10 آلاف شخص. وتقول منظمات غير حكومية إن عدد الضحايا أكبر بكثير بينما يواجه الدعم الأميركي للتحالف العربي انتقادات باستمرار.
وقال الرئيس الجمهوري في بيانه إن “الكونغرس يجب ألا يسعى إلى منع بعض العمليات مثل تزويد الطائرات بالوقود جوا”.
وعبر السناتور المستقل بيرني ساندرز المعد الرئيسي للقرار، عن خيبة أمله بعد تعطيل ترامب للقرار.
وكتب المرشح لانتخابات الحزب الديموقراطي لاختيار مرشحه للاقتراع الرئاسي في 2020، “شعرت بخيبة أمل لكن لم أفاجأ برفض ترامب قرار تبناه الحزبان لإنهاء الإلتزام الأميركي في هذه الحرب الرهيبة في اليمن”.
من جهته، رأى رئيس المنظمة غير الحكومية “لجنة الانقاذ الدولية” ديفيد ميليباند أن تعطيل القرار هو “ضوء أخضر لاستمرار استراتيجية الحرب التي تسببت بأسوأ أزمة انسانية في العالم”.
وأضاف أن الفيتو الذي وضعه الرئيس على القرار “خاطىء على الصعيد الأخلاقي والاستراتيجي ويحبط آمال الشعب اليمني بفترة هدوء، ويبقي الولايات المتحدة متمسكة باستراتيجية فاشلة”.
ولفت الى أن “اليمن بلغ نقطة الانهيار”، مشيرا إلى وجود “عشرة ملايين شخص على حافة المجاعة وما يصل إلى مئة من الضحايا المدنيين في الأسبوع بينما يمكن أن يُقتل اليمنيون في منازلهم أكثر من أي مكان آخر”.
وأكد ترامب ايضا أن القرار “يضر بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة (…) وبعلاقاتنا الثنائية”.
وأضاف أن قرار الكونغرس “يؤثر سلبا على جهودنا المستمرة لمنع الاصابات بين المدنيين، ومنع انتشار التنظيمات الارهابية مثل القاعدة في شبه جزيرة العرب وتنظيم الدولة الاسلامية، ويشجع نشاطات إيران الخبيثة في اليمن”.
وهذه هي المرة الثانية خلال رئاسته التي يضطر فيها الرئيس الأميركي لوضع فيتو على قرار وافق عليه الكونغرس. ففي آذار/مارس الماضي، عطل الكونغرس إجراءات حالة الطوارىء التي أقرها ترامب من أجل الحصول على أموال لبناء الجدار على الحدود مع المكسيك.
وقد اختار تجاوز الكونغرس، بتعطيله قرار البرلمان.
ويعتبر الديموقراطيون الانخراط في النزاع اليمني من خلال المعلومات الاستخبارية والدعم اللوجستي وبيع الاسلحة وتزويد الطائرات بالوقود في الجو، الذي تم وقفه سابقا، عملا غير دستوري من دون موافقة الكونغرس.
ويحذر المنتقدون للتدخل العسكري من ان القوات السعودية تستخدم على الارجح الأسلحة الاميركية لارتكاب فظائع في الحرب المستمرة منذ أربع سنوات.