تطلق الهند في 15 تموز/ يوليو، مهمة منخفضة الكلفة إلى القمر بهدف أن تصبح الدولة الرابعة التي تضع مسبارا على سطح هذا الجسم الفلكي، وهي خطوة مهمة لبرنامجها الفضائي الطموح.
قبل خمسة أيام فقط من الذكرى الخمسين لأول هبوط للإنسان على سطح القمر، ستطلق وكالة الفضاء الهندية مهمتها “شاندرايان -2” من قاعدة سري هاري كوتا (جنوب شرق الهند)، بعد تحضير طويل استمر 10 سنوات.
وستضيء المهمة أيضا على مدى التقدم الذي أحرز في مجال السفر إلى الفضاء منذ القفزة “العملاقة” التي حققها نيل أرمسترونغ للبشرية من خلال مهمة أبولو 11 التي أصبح على إثرها أول إنسان يسير على سطح القمر.
وقد أنفقت الهند حوالى 140 مليون دولار لإعداد مسبار “شاندرايان -2” ليسافر مسافة 384 ألفا و400 كيلومتر من مركز ساتيش دوان الفضائي ويصل في 6 أيلول/سبتمبر إلى القطب الجنوبي للقمر.
وللمقارنة، أنفقت الولايات المتحدة حوالى 25 مليار دولار أي ما يعادل أكثر من 100 مليار دولار حاليا، في 15 مهمة ضمن برنامج أبولو الفضائي بما فيها المهمات الست التي أفضت إلى وضع أرمسترونغ وغيره من الرواد على سطح القمر.
أما الصين، فقد أرسلت مركبة “تشانغي 4” إلى القمر في كانون الثاني/يناير، وأنفقت 8,4 مليارات دولار على برنامجها الفضائي بكامله في العام 2017، وفقا لأرقام المنظمة الدولية للتعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
وروسيا، البلد الأول الذي أرسل صاروخا غير مأهول إلى القمر في العام 1966، أنفقت أكثر مما يعادل اليوم 20 مليار دولار على المهمات إلى القمر في ستينات القرن الماضي وسبعيناته.
- إشعال السباق الفضائي –
وقد صممت كل أجزاء المسبار “شاندرايان -2” وصنعت في الهند.
وستستخدم الهند أقوى صواريخها “جي إس إل في إم كيه 3” لعملية إطلاق المسبار الذي يبلغ وزنه 2,4 طن والذي من المقرر أن تستمر مهمته حوالى سنة.
وسيحمل المسبار مركبة الهبوط “فيكرام” التي يبلغ وزنها 1,4 طن والتي ستأخذ بدورها مركبة “براغيان” البالغ وزنها 27 كيلوغراما إلى سهل مرتفع بين حفرتين على القطب الجنوبي للقمر.
وقال رئيس المنظمة الهندية لأبحاث الهندية ك. سيفان إن هبوط “فيكرام” النهائي الذي يستغرق 15 دقيقة “سيكون أكثر اللحظات إثارة للرعب لأننا لم نقم بهذه المهمة المعقدة من قبل”.
ويمكن لهذه المركبة التي تعمل بالطاقة الشمسية السفر لمسافة تصل إلى 500 متر ومن المتوقع أن تعمل لمدة يوم قمري واحد، أي ما يعادل 14 يوما على الأرض.
وأوضح سيفان أن المسبار سيبحث عن إشارات لوجود المياه و”سجل أحفوري للنظام الشمسي المبكر”.
ورغم ميزانيتها الصغيرة نسبيا، تثير هذه المهمة أسئلة حول طريقة تخصيص الأموال في بلاد ما زالت تكافح الجوع والفقر.
لكن الكبرياء الوطني على المحك، فقد تعهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إرسال رحلة مأهولة إلى المدار بحلول العام 2022.
وقال ك. كاستوريرانغان وهو رئيس سابق للمنظمة الهندية “السؤال الأساسي هو ليس ما إذا كان يتوجب على الهند القيام بمثل هذه المشاريع الفضائية الطموحة، لكن ما إذا كان يمكن الهند تجاهلها”.
وأوضح راجيسواري بيلاي راجاغوبالان رئيس السياسة الفضائية في مؤسسة “أوبزرفر” للأبحاث في نيودلهي، أن مهمة “شاندرايان -2” ستعزز سمعة الهند “في الوقت الذي تصبح فيه برامج الفضاء العالمية خصوصا الآسيوية تنافسية على نحو متزايد”.
وقال أميتابها غوش وهو عالم من مهمة “روفر” التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إلى المريخ، إن مكتسبات “شاندريان -2” ضخمة مقارنة بكلفتها.
وأضاف “إن مهمة فضائية معقدة مثل شاندرايان -2 تنقل رسالة مفادها أن الهند قادرة على تقديم مساعي تطوير التكنولوجيا الصعبة”.
ومن جهة أخرى، قارن سكوت هوبار كبير الباحثين السابقين في وكالة “ناسا” والآن في جامعة ستانفورد فعالية المسبار الهندي “مانغاليان” بمهمة المركبة الفضائية الأميركية “مافن” من حيث الكلفة.
ورغم أن كليهما أطلقا في العام 2013، فقد كلفت “مايفن” 10 مرات أكثر، لكن “مانغاليان” الهندية صممت لتستمر لمدة سنة واحدة، بينما الأميركية صممت لتعمل لمدة عامين.
وقال هوبارد “هذا فرق كبير في الكلفة. كما أن حمولة مانغاليان كانت 15 كيلوغراما فيما كانت مايفن قادر على أن تحمل 65 كيلوغراما بأدوات أكثر تطورا”. وختم هوبارد”إذا أنت تحصل على مقابل ما تدفعه”.