نُظّم العرض الفرنسي لمناسبة العيد الوطني في 14 تموز/ يوليو هذا العام تحت شعار التعاون العسكري الأوروبي، أحد العناوين الرئيسة لسياسة الرئيس إيمانويل ماكرون الذي ترأس الاحتفالات بحضور قادة أوروبيين بينهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، بحسب ما نقلت فرانس برس للأنباء.
وشاب الاحتفالات استقبال عشرات من محتجي “السترات الصفراء” الرئيس الفرنسي بالصفير، فضلاً عن وقوع توترات في ختامها في جادة الشانزيليزيه، في قلب العاصمة باريس.
وأوقف 180 شخصاً يعتقد بارتباطهم بحراك “السترات الصفراء” المستمر منذ أشهر ضدّ سياسات ماكرون الاجتماعية، بحسب ما أعلنت شرطة باريس في تغريدة، لافتة الى ان 38 منهم اوقفوا احتياطيا.
ولهذه النسخة من العيد الوطني دعت فرنسا حوالى 10 دول أوروبية شركاء لجيشها للمشاركة في الاستعراض العسكري التقليدي، في حدث وصفه الرئيس الفرنسي بأنّه “رمز جميل عن أوروبا الدفاعية التي نحن بصدد بنائها”.
-“رمز للتعاون”-
وقالت ميركل “إنها بادرة مهمة لسياسة دفاعية أوروبية”. وصرحت للصحافيين “نفتخر بمشاركة جنود ألمان. انه رمز للتعاون القوي الفرنسي-الألماني”.
وبالإضافة إلى المستشارة الألمانية، شملت لائحة المدعوين الأوروبيين الـ11 إلى الاحتفال، رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ.
وغابت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عن الاحتفال ومثّلها نائب رئيس الوزراء ديفيد ليدينغتون.
وافتتح المشاة العرض برفع شارات الدول المشاركة والمنتمية إلى المبادرة الأوروبية للتدخل التي أنشئت قبل سنة بدفع من الرئيس ماكرون، وهي بلجيكا وبريطانيا وألمانيا والدنمارك وهولندا واستونيا واسبانيا والبرتغال وفنلندا.
وبسبب بريكست وتراجع العلاقات عبر الأطلسي في عهد الرئيس دونالد ترامب، جعل ماكرون من أوروبا الدفاعية أحد مواضيعه الرئيسية، معتبرا أن من الأساسي للقارة العجوز زيادة استقلاليتها الاستراتيجية إلى جانب حلف شمال الأطلسي.
وقالت وزيرة الجيوش فلورانس بارلي في حديث الأحد لصحيفة “لو باريزيان” إن “الرئيس ترامب كان سفيرا ممتازاً لأوروبا الدفاعية”، وأشارت إلى “التساؤلات والتهديدات التي وجهها للقارة الأوروبية ومدى استمرارية الالتزام الأميركي”.
وشارك في العرض الجوي طائرة نقل ألمانية “ايه-400 أم” وأخرى إسبانية “سي 130”.
وكانت بين المروحيات المشاركة مروحيتان بريطانيتان شينوك. وتضع بريطانيا حاليا في تصرف الجيش الفرنسي ثلاثا من مروحياتها للشحن الثقيل في منطقة الساحل، ومدّدت مهمّتها حتى حزيران/يونيو 2020 ما أثار ارتياحاً لدى باريس التي تفتقر لهذا النوع من المعدّات.
وكان بطل العالم للدراجات المائية الفرنسي فرانكي زاباتا نجم العرض في باريس، وهو يقف على لوح طائر قام باختراعه، على ارتفاع عشرات الأمتار عن الأرض فوق جادة الشانزيليزيه. وقام زاباتا بعرضه على لوحه الطائر (فلايبورد) الذي يعمل بخمسة محركات نفاثة، وهو يحمل بندقية.
واختتم العرض العسكري بمرور جرحى من الجيوش الفرنسية المنتشرة في العديد من مناطق العمليات الخارجية، من الشرق الأوسط حتى دول الساحل. وتوجه ماكرون وميركل لتبادل الحديث معهم. ثم تحدث ماكرون وزوجته إلى أسر العسكريين الذين قتلوا أو جرحوا في معارك.
وفي المجمل، شارك في العرض 4300 عسكري و196 آلية و237 حصانا و69 طائرة و39 مروحية في جادة الشانزيليزيه في قلب العاصمة الفرنسية.
-حرق مستوعبات نفايات-
وحاول العشرات في ختام الاحتفالات التقليدية بالعيد الوطني إقامة حواجز على جادة الشانزيليزيه، بينما عملت القوى الأمنية على تفريقهم باستخدام الغاز المسيّل للدموع.
ورميت الحواجز الحديد على الأرض وأحرِقت مستوعبات نفايات، فيما تقدّمت الشرطة في الجادة تدريجاً عبر طرد المحتجين الذي كانوا يتجهون نحو الشوارع الملاصقة.
وعبّر سيد (33 عاماً) عن غضبه إزاء تصرفات الشرطة تجاه المتظاهرين، وقال “حاصرونا في الصباح وعاملونا مثل الكلاب. هم (قوات الشرطة) من زاد التوتر”.
وساد الغموض لبعض الوقت لعدم ارتداء المتظاهرين السترات الصفراء الرمزية التي ميّزت هذا الحراك. كما اختلط آخرون يرتدون ثياباً سوداء ويخفون وجوههم بأوشحة أو أقنعة أو أغطية الرأس بين السياح والمتجوّلين.
غير أنّ قائد شرطة باريس ديدييه لالمان الذي زار المكان للوقوف على ما يجري، قال للصحافة في نهاية النهار “تمت استعادة النظام”.
وهي المرة الأولى منذ 16 آذار/مارس ينجح فيها محتجو “السترات الصفراء” بالتظاهر في الجادة الباريسية.
وبعد الظهر، قال مسعفون ومتطوعون إنّهم أسعفوا سائحة أصيبت بجروح بالغة في عينها اليسرى. وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لامرأة جالسة معصوبة العينين فيما الدم يسيل من الجهة اليسرى، وقيل إنّ السبب هو عيار أطلقته الشرطة، غير أنّ فرانس برس لم تتمكن من تأكيد ذلك.
من جانبها، تساءلت رئيسة التجمّع الوطني مارين لوبن في تغريدة “كيف يمكن ل+بلاك بلوكس+ وعصابات تنتمي الى أقصى اليسار أن يخربوا كل شيء في يوم عيدنا الوطني؟ لماذا انعدام الكفاءة المزمن لدى وزير داخلية (…) غير قادر على تحمّل أدنى مسؤولية؟”.