SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

عاد الملف النووي الإيراني للواجهة بعد قرار طهران زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم قبيل دخول جو بايدن للبيت الأبيض. الإعلام الألماني تابع باهتمام الملف، متسائلا عن المسافة التي باتت تفصل الجمهورية الإسلامية عن القنبلة الذرية، بحسب ما نقل موقع DW في 6 كانون الثاني/ يناير الجاري.

أعلنت إيران في 4 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أنها بدأت في إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين بالمئة، في أبرز إجراء تصعيدي لها منذ بدء تراجعها التدريجي عام 2019 عن تنفيذ غالبية التزاماتها الأساسية، بموجب الاتفاق النووي الدولي المبرم عام 2015 في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، الانسحاب بشكل أحادي منه عام 2018 وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على الجمهورية الإسلامية. وكانت القيود التي فرضها الاتفاق النووي تتركز بشكل خاص على تقييد أنشطة إيران النووية بشكل يمدد الفترة اللازمة لإنتاج قنبلة نووية، إذا ما قررت طهران ذلك، إلى عام على أبعد تقدير بدلا من شهرين أو ثلاثة أشهر، وإن كانت الجمهورية الإسلامية تصر على أنها لم تسع قط للحصول على السلاح النووي وأنها لن تفعل ذلك أبدا، وتقول إن أنشطتها في هذا المجال هي للأغراض المدنية فقط.

غير أن قرار طهران زيادة نسبة التخصيب يعيد دق ناقوس الخطر في العواصم الغربية ولدى خصوم إيران الإقليميين. وبهذا الشأن كتبت صحيفة “تاغسشبيغل” (الرابع من يناير/ كانون الثاني 2021) الصادرة في برلين وقالت “إذا كان هناك شيء واحد تجيده القيادة الإيرانية حقا، فهو فن الاستفزاز، فكل مرة يختبر الملالي حدود الألم التي قد يستحملها الغرب، ويعول كل مرة على رفع سقف الامتيازات المحتملة”. وتتساءل الصحيفة “ما الذي يمكن أن تتحمله كل من برلين وباريس وواشنطن قبل رفع البطاقة الحمراء في وجه إيران بشأن برنامجها النووي، وتحذيرها من أي خطوة أخرى إلى الأمام؟”. وتختم الصحيفة بالقول إن “حدود الصبر وصلت لأبعد مدى لها، بعدما أعلنت طهران زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى عشرين بالمئة”.

الأهداف العسكرية للبرنامج النووي

صحيفة “نويرتسوريشرتسايتونغ” الصادرة في سويسرا (الثالث من يناير/ كانون الثاني 2021) كتبت بهذا الصدد “هل تسعى إيران حقا لصنع القنبلة، أم أنها تسعى فقط لامتلاك قدرات تمكنها من ذلك دون اتخاذ الخطوة النهائية لصنعها؟ (القدرة على صنع القنبلة) من شأنه أن يوفر ردعا معينا”. من الواضح أنه حتى عام 2003 كان لدى إيران برنامج نووي عسكري. واستشهدت الصحيفة برأي أوليفر ماير من معهد أبحاث السلام وسياسة الأمن في هامبورغ الذي يقول “هناك الكثير من الأدلة على أن إيران قد نفذت أنشطة (نووية) في السنوات السابقة لا يمكن تفسيرها بأهداف مدنية”. غير أنه من الواضح أيضا أن البرنامج العسكري النووي الإيراني هذا قد توقف رسميا نهاية عام 2003 بقرار من القيادة الإيرانية.

من جهتها، تعتقد وكالات المخابرات الأميركية والوكالة الدولية أن إيران امتلكت في فترة من الفترات برنامجا للسلاح النووي وأنها أوقفته. وثمة أدلة تشير إلى أن إيران حصلت على تصميم لقنبلة نووية ونفذت أعمالا مختلفة تتصل بتصنيعها. ويؤكد الخبراء أن قرار استئناف تخصيب اليورانيوم الأخير الذي أعلنته طهران يمكن العودة عنه بسهولة وأن مستوى 20 في المئة بعيد عن أن يكون كافيا لتطوير سلاح نووي. وهناك من يرى في الخطوة الإيرانية أن إيران محاولة لإعادة تركيز الاهتمام على البرنامج النووي لخوفها من اشتراط جو بايدن ضم التفاوض على ملفات أخرى إلى الاتفاق النووي، كبرنامج الصواريخ البالستية. أو دور إيران في الشرق الأوسط.

في حوار مع صحيفة “نيويورك تايمز” أكد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن نيته الانطلاق بسرعة في مفاوضات جديدة مع إيران “بالتشاور” مع حلفاء واشنطن ولكن بعد عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب. وأكد بايدن أنه إذا “احترمت طهران مجددا” القيود المفروضة على برنامجها النووي لعام 2015، فإن واشنطن ستعود بدورها إلى الاتفاق كـ”نقطة انطلاق” لمفاوضات “متابعة”. وأضاف “الطريقة الأفضل لبلوغ نوع من الاستقرار في المنطقة” هو الاهتمام بـ”البرنامج النووي” الإيراني.

وعمليا، تعني العودة إلى الاتفاق رفع العقوبات الصارمة التي فرضها ترامب على طهران منذ انسحابه من الاتفاق عام 2018. وذكرت الصحيفة الأمريكية أن الإدارة الجديدة ستسعى خلال هذه المفاوضات الى تمديد مدة القيود على انتاج طهران للمواد الانشطارية التي قد تستخدم لصنع القنبلة النووية والتطرق إلى أنشطة طهران وحلفائها في لبنان والعراق وسوريا واليمن. وبهذا الصدد كتب موقع شبكة التلفزيون الألماني “زي.دي.إف ZDF” (الرابع من يناير/ كانون الثاني 2021) أنه “على الرغم من أن القيادة الإيرانية تترنح تحت ضغوط اقتصادية شديدة، فمن غير المرجح انحسار التوتر مع واشنطن حين يتولى جو بايدن منصبه. فقبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة، يواجه الرئيس حسن روحاني جبهة من المتشددين الذين يسعون لاستقطاب الناخبين بشعارات مناهضة لأمريكا (..) ويظل مطلب طهران واضحا: أولاً يجب على واشنطن رفع عقوباتها الأحادية بالكامل، بعدها يمكن الحديث عن العودة إلى الاتفاق النووي”.

مخاطر تأجيج سباق التسلح في الشرق الأوسط

وفي نفس الحوار مع “نيويورك تايمز”، أوضح جو بايدن أنه في حال حازت طهران القنبلة النووية سيكون هناك سباق على التسلح النووي في الشرق الأوسط وهو “آخر شيء نحتاج إليه في هذا الجزء من العالم”. وترى “تاغسشبيغل” الألمانية بدورها في خطوة طهران زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم، مخاطر ستزيد من تأجيج سباق التسلح في الشرق الأوسط. “لقد هدد السعوديون عدة مرات بالسعي لتطوير برنامج نووي، فيما أقنعت الإمارات العربية المتحدة، الرئيس ترامب بالموافقة على شراء أحدث قاذفات من طراز F35، فيما تعتمد إسرائيلعلى الردع النووي منذ عقود عديدة”.

شارك الخبر: