تمضي روسيا قدما في تنفيذ المرسوم الذي وقعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن التجنيد الإجباري للآلاف من الشباب خلال فصل الربيع. فكيف سيؤثر ذلك على المعارك في أوكرانيا؟
بحسب ما نقل موقع DW، بدأت روسيا في الأول في نيسان/ الجاري ويستمر حتى 15 يوليو / تموز تنفيذ المرسوم الذي وقعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن التجنيد الإجباري بما يقضي تجنيد 147 ألف شخص لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية لمدة عام بزيادة تبلغ 8 بالمائة عن السنوات الماضية ففي ربيع العام الماضي وصل العدد إلى أكثر من 134 ألفا.
يتزامن ذلك مع حملات ترويجية لجذب الشباب الروس إلى أداء الخدمة العسكرية على أساس التعاقد فيما ذكرت وكالة “بلومبرغ” للأنباء أن الجيش الروسي يرمي إلى تجنيد حوالي 400 ألف جندي متعاقد جديد لخوض المعارك في أوكرانيا.
بيد أن وزارة الدفاع الروسية نفت التقارير التي تشير إلىالتخطيط للشروع في تعبئة جديدةحيث نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية للأنباء عن المتحدث باسم المديرية الرئيسية للتنظيم والتجنيد التابعة للأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فلاديمير تسيمليانسكي، قوله إنه “لا توجد خطط لعقد موجة ثانية من التعبئة العامة من قبل الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، حيث يعتبر المتطوعون والأشخاص الذين تم استدعاؤهم بالفعل للخدمة بعدد كاف لتنفيذ مهام العملية الخاصة.”
الجدير بالذكر أن الإعلام الروسي لا يشير إلى التوغل العسكري في أوكرانيا باعتباره “غزوا” بل يصفه بـ “عملية عسكرية خاصة”.
وفي سياق متصل، قال سيرغي تشيرنيشوف، مدير معهد التعليم العالي في جامعة نوفوسيبيرسك الحكومية، إنه طُلب منه الترويج للانضمام إلى الجيش بين طلابه عن طريق توزيع مواد إعلانية حصل عليها من مسؤولين محليين.
وقد قام تشيرنيشوف بنشر منشورات على منصات التواصل الاجتماعي يشيد بالمزايا التي سيحصل عليها أي شاب ينضم إلى الجيش الروسي.
وفي تعليقه على ذلك، قال إن “المسؤولين الروس أخطئوا في تحديد شريحة المجتمع المستهدفة من وراء الحملات الترويجية لأن الطلاب يجب أن يؤدوا الخدمة العسكرية في وقت لاحق وليس الآن. ومن الجنوني أن نطلب من الطلاب ترك مقاعد الدراسة من أجل الالتحاق بالجيش …هذا يتعارض تماما مع قيمنا التي تؤكد أنه يجب الفصل بين السياسة والتعليم “.
وذكر موقع “تايغا” الروسي أن سلطات مدينة نوفوسيبيرسك أرسلت إلى أصحاب العقارات منشورات تروج للانضمام إلى الجيش من أجل وضعها “على مداخل العقارات والسلالم”.
وفي مطلع العام الجديد، أعلنت روسيا عزمها تجنيد 350 ألف جندي إضافي لكي يصل قوام الجيش الروسي إلى 1,5 مليون جندي. وقد عزا وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ذلك إلى متطلبات “الأمن العسكري الروسي” و “المناطق الجديدة”، في إشارة إلى المناطق الأوكرانية التي ضمتها روسيا بشكل غير قانوني.
في المقابل، استبعد خبراء تمكن روسيا من تجنيد هذا العدد الكبير من الجنود خلال فترة زمنية قصيرة.
يشار إلى أنه يتعين على الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 27 عاما أداء الخدمة العسكرية، لكن الكرملين اقترح مؤخرا رفع سن الخدمة العسكرية الإجبارية من 21 إلى 30 عاما.
كذلك يرغب أعضاء البرلمان الروسي “الدوما” في رفع الحد الأقصى للتجنيد إلى سن الثلاثين في الوقت الحالي ما يمهد الطريق أمام زيادة دائرة المجندين بشكل كبير.
بدوره، قال الناشط الحقوقي أليكسي تابالوف إن عملية الإصلاح الخاصة بالجيش بعيدة كل البعد عن خطط التجنيد الإجبارية الجارية. وأضاف تابالوف، الذي يرأس منظمة تساعد المجندين في الجيش الروسي، أن التجنيد في المؤسسة العسكرية الروسية “يتم وفقا القواعد القديمة”.
ويتفق في هذا الرأي سيرغي كريفينكو، مدير منظمة “قانون جيش المواطن” الحقوقية، قائلا: “من المرجح أن تكون هذه العملية الأخيرة – أو ما قبل الأخيرة – لعمليات تجنيد تشمل من تقل أعمارهم عن 27 عاما فقط”.
وقبل عمليات التجنيد الحالية، بدأت وزارة الدفاع الروسية حملة ترويجية تحث الرجال على الانضمام إلى الجيش على أساس التعاقد حيث يتم إرسال هذه الإعلانات مع الإخطارات الخاصة بالتجنيد الإجباري، فيما يقوم المسؤولون الروس بالترويج لذلك على منصات التواصل الاجتماعي وفي المكاتب الحكومية والجامعات.
ورغم تأكيد المسؤولين الروسي على أن المجندين الذين يؤدون الخدمة العسكرية المؤقتة الإجبارية لن يتم نقلهم إلى جبهات القتال في أوكرانيا، إلا أن تقارير ميدانية كشفت عكس ذلك.
ونقلت التقارير عن أم روسية تدعى “غالينا” قولها إن نجلها تعرض للتهديد بنقله من مدينة نوفوسيبيرسك حيث يؤدي الخدمة العسكرية، إلى مدينة بيلغورود الروسية المتاخمة لأوكرانيا، متسائلة “لماذا يتم إرسال ابني هناك بعد ثلاثة أشهر فقط من شروعه في أداء الخدمة العسكرية؟ لقد أمر الرئيس بعدم إرسال مجندين إلى مناطق القتال”.
وقد أكد تابالوف على ذلك، قائلا “نتلقى بانتظام تقارير تشير إلى إرسال المجندين الذين يؤدون الخدمة العسكرية الإجبارية المؤقتة إلى المناطق المتاخمة لأوكرانيا”.
ويأتي ذلك على النقيض من تأكيد بوتين في مارس / آذار العام الماضي أن المجندين لن ينخرطوا في القتال في أوكرانيا، لكن وزارة الدفاع الروسية أقرت لاحقا بوجود أخطاء تسببت في إرسال مجندين إلى جبهات القتال.
وجرى التحقق من ذلك عن طريق عائلات الجنود الروس الذين لقوا حتفهم على متن الطراد “موسكفا”، سفينة القيادة في أسطول البحر الأسود الروسي، الذي غرق بعد أن أصابه صاروخ كروز أوكراني في البحر الأسود في أبريل/ نيسان العام الماضي.
وتظهر صور نُشرت على شبكة الأنترنت قيام مجندين روس بأداء مهام عمل تمثلت في حفر خنادق على الحدود الروسية-الأوكرانية.
وفي ذلك، قال تابالوف إن مساعي وزارة الدفاع الروسية في تعويض “القيام بأي عملية تعبئة جديدة عن طريق تدشين حملات لجذب المزيد من الروس للانضمام إلى الجيش في صورة جنود متعاقدين، تشير إلى أن المجندين هم الشريحة المستهدفة من وراء هذه الإعلانات”.