SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

تشهد العلاقات العسكرية بين مصر والصين تحوّلًا نوعيًا يتجاوز مرحلة الصفقات التقليدية نحو توطين الصناعات الدفاعية ونقل التكنولوجيا إلى داخل مصر، في إطار مسعى مصري لتعزيز استقلالية القرار العسكري وتوسيع هامش المناورة الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط المتغيرة. فبحسب تقرير لشبكة “تشاينا تايمز” الصينية، فإن المحادثات بين القاهرة وبكين لم تعد مقتصرة على التفاوض بشأن شراء غواصات من طراز Type 039A (المعروفة باسم يوان)، بل باتت تشمل اتفاقات موسعة تشمل التصنيع المشترك ونقل التكنولوجيا إلى القوات البحرية المصرية.

وتُعد الغواصة Type 039A، التي أثارت اهتمامًا كبيرًا بفضل تزويدها بنظام الدفع المستقل عن الهواء (AIP)، من أبرز الغواصات الصينية غير النووية، إذ تتميز بقدرتها على التخفي وفعالية عملياتها تحت سطح البحر، إلى جانب تسليحها المتطور الذي يشمل صواريخ للهجوم البعيد المدى، وقدرات استخباراتية ومراقبة استراتيجية متقدمة.

ويرى محللون أن هذه الصفقة تتجاوز بعدها العسكري البحري، لتشكل إحدى لبنات استراتيجية مصرية أوسع تهدف إلى تنويع مصادر السلاح وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، التي باتت تضع شروطًا سياسية وتقنية مقيدة على عمليات تصدير الأسلحة، خصوصًا فيما يتعلق بالتكنولوجيا الحساسة.

وفي هذا السياق، أوضح اللواء محمد عبد الواحد، مستشار الأمن القومي المصري، في مقابلة تلفزيونية أن مصر، ومنذ الحرب الباردة، تتبع سياسة تنويع مصادر السلاح بين الشرق والغرب، مضيفًا أن التعاون العسكري مع الصين ليس جديدًا، بل له جذور تمتد إلى الثمانينيات عندما امتلكت مصر غواصات صينية من طراز روميو المُعدّل.

وأشار اللواء عبد الواحد إلى أن خيار التوجه نحو الصين لم يكن فقط نتيجة ميزات تكنولوجية، بل أيضًا لعوامل اقتصادية وجيوسياسية، مشيرًا إلى أن غواصات Type 039A، رغم أنها ليست الأحدث مقارنة بغواصات مثل “دولفين” الألمانية، إلا أنها تمثل خيارًا متميزًا من حيث الكلفة والكفاءة، خصوصًا في ظل التسهيلات المالية الصينية وغياب الشروط السياسية.

وأوضح أيضًا أن التكنولوجيا الغربية، وبخاصة الأميركية، غالبًا ما تكون مشروطة بقيود صارمة، خصوصًا تجاه دول المنطقة العربية، لافتًا إلى تدخلات إسرائيلية مباشرة في صفقات التسليح، وهو ما لا ينطبق على الصين، التي تبدو أكثر انفتاحًا على مشاركة تقنياتها العسكرية.

في المحصلة، تأتي هذه الخطوة في سياق سعي القاهرة لإعادة ضبط موازين القوى في الإقليم، وتفادي السيناريوهات التي قد تُفضي إلى اختلال توازن الردع لصالح قوى إقليمية مثل إسرائيل. فبينما تتزايد احتمالات التصعيد في الشرق الأوسط، تحاول مصر تأمين أدوات ردع استراتيجية تعزز مكانتها في شرق المتوسط والبحر الأحمر.

شارك الخبر: