SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

انتشرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية تُظهر صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز DF-41 مغطى بغطاء مموه.

ويتزامن ظهور هذا النظام مع نتائج معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) التي أظهرت أن الصين تُسرع وتيرة بناء أسلحتها النووية بوتيرة تفوق أي دولة أخرى.

ويُعد صاروخ DF-41، المعروف باللغة الصينية باسم “ريح الشرق”، أحد أكثر الصواريخ الباليستية العابرة للقارات تطوراً في ترسانة الأسلحة النووية الصينية المتنامية بسرعة.

وتولت قوة الصواريخ التابعة للجيش الصيني، تطوير الصاروخ الذي يمثل قفزة نوعية في قدرات الردع الاستراتيجي للصين، إذ يجمع بين إمكانية توجيه ضربات بعيدة المدى، وتكنولوجيا متقدمة، وقدرة أكبر على البقاء.

وباعتباره حجر الزاوية في جهود التحديث النووي الصينية، لفت صاروخ DF-41 انتباه العالم لقدرته على استهداف أي نقطة على وجه الأرض تقريباً، بما في ذلك الولايات المتحدة، ويمتلك الصاروخ القدرة على زعزعة التوازن الاستراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وما وراءها، لأنه صاروخ باليستي عابر للقارات يعمل بالوقود الصلب، ومصمم لإيصال رؤوس نووية لمسافات شاسعة. 

ويُعتقد أن مدى صاروخ DF-41 يتراوح بين 7456 و9321 ميلاً (الميل يعادل نحو 1609 أمتار)، ما يمكنه من إصابة أهداف في أميركا الشمالية، وأوروبا، وآسيا، من مواقع إطلاق في أعماق الصين.

ويتجاوز هذا المدى مدى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الصينية السابقة، مثل DF-5، ويضعه بين أكثر الأسلحة الاستراتيجية في العالم من حيث المسافة.

ويتم تجهيز صاروخ DF-41، بمركبات إعادة دخول متعددة قابلة للاستهداف بشكل مستقل – MIRV، ما يسمح له بحمل ما يصل إلى 10 رؤوس حربية، كل منها قادر على ضرب هدف مختلف.

وتشير التقديرات إلى أن قوة الرؤوس الحربية تتراوح بين 150 كيلوطن وميجاطن واحد، وهي أقوى بكثير من القنابل التي ألقاها الأميركيون على هيروشيما أو ناجازاكي في الحرب العالمية الثانية. 

ويعزز نظام MIRV قدرة الصاروخ على اختراق أنظمة الدفاع الصاروخي، مثل نظام الدفاع الجوي الأرضي الأميركي – GMD، من خلال سحق الصواريخ الاعتراضية ذات الأهداف المتعددة. 

وبالإضافة إلى ذلك، قد يتضمن صاروخ DF-41 طعوماً ووسائل مساعدة على الاختراق ومركبات إعادة دخول مناورة لمزيد من التهرب من الدفاعات.

العقيدة النووية الصينية

يُعد صاروخ DF-41 الصيني عنصراً أساسياً في استراتيجية الردع النووي الصينية، التي تركز على قدرة موثوقة على ردع الخصوم المحتملين، خاصة الولايات المتحدة. 

ويستند مبدأ الصين النووي رسمياً إلى سياسة “عدم البدء بالاستخدام”، ما يعني أنها لن تستخدم الأسلحة النووية إلا للرد على أي هجوم نووي. 

ويضمن مدى صاروخ DF-41 الطويل، وقدرته على حمل رؤوس نووية، وقدرته على البقاء، قدرة الصين على الحفاظ على قوة انتقامية قوية حتى بعد امتصاص ضربة أولى، وهو ما يُعزز قدرة بكين على ردع الإكراه النووي أو العدوان التقليدي، من خلال الإشارة إلى أن أي هجوم على الصين سيُسفر عن عواقب كارثية.

ويُعالج تصميم صاروخ DF-41، المُتحرك على الطرق والذي يعمل بالوقود الصلب، نقاط ضعف الترسانة النووية الصينية القديمة، والتي اعتمدت بشكل كبير على صواريخ تعمل بالوقود السائل، مثل صاروخ DF-5.

وكانت هذه الأنظمة القديمة أكثر عرضة للكشف والتدمير، خاصة مع ظهور قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع الأميركية. 

في المقابل، وتؤدي قدرة صاروخ DF-41 على الحركة وجاهزيته للإطلاق السريع إلى جعله رادعاً وقادراً على الصمود في وجه الضربات الاستباقية وشن هجوم مضاد.

ويُعزز صاروخ DF-41 أيضاً قدرة الصين على إبراز قوتها خارج نطاق منطقتها المباشرة، ويسمح مداه بتهديد ليس فقط القواعد العسكرية الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مثل تلك الموجودة في جوام واليابان، بل أيضاً المدن الكبرى والأصول الاستراتيجية في الولايات المتحدة القارية. 

وتُبرز هذه القدرة قوة الصين كقدرة عسكرية عالمية، وتعقد التخطيط الاستراتيجي الأميركي، خاصة في السيناريوهات التي تشمل تايوان أو بحر الصين الجنوبي، حيث قد يتصاعد التدخل الأميركي إلى حرب نووية.

ويُشكل صاروخ DF-41 الصيني تهديداً مباشراً لمنظومة الدفاع الصاروخي الأميركية. 

وبينما صُمم نظام الدفاع الأرضي الأميركي لمواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات ICBM، فإن قدرة صاروخ DF-41 على حمل رؤوس نووية واستخدامه المحتمل للصواريخ الوهمية قد يُربك أنظمة الاعتراض الحالية، ما يُجبر واشنطن على الاستثمار في دفاعات أكثر تطوراً وتكلفة.

وتُسهم هذه الديناميكية في سباق تسلح في تكنولوجيا الصواريخ، إذ تسعى الدولتان إلى الحفاظ على التكافؤ الاستراتيجي.

وفي سيناريو غزو تايوان، فإن قدرة الصاروخ DF-41 على استهداف الأراضي الأميركية بشكل موثوق قد تردع الولايات المتحدة عن التدخل للدفاع عن تايوان، مع العلم أن التصعيد ربما يؤدي إلى انتقام نووي.

المصدر: الشرق

شارك الخبر: