دعت وزارة الحرب الأميركية “البنتاغون” موردي الصواريخ، إلى مضاعفة، أو حتى زيادة الإنتاج إلى أربعة أضعاف، بوتيرة عاجلة، في ظل قلقها من انخفاض مخزونات الأسلحة التي قد تكون بحوزة الولايات المتحدة في حال اندلاع نزاع مستقبلي مع الصين، حسبما أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وقال أشخاص مطلعون، إن الجهود الرامية إلى تسريع وتيرة إنتاج الأسلحة الأساسية التي يشتد الطلب عليها ظهرت بوضوح خلال سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى بين قيادات البنتاغون وممثلين كبار عن شركات تصنيع الصواريخ الأميركية.
وأوضح بعض من هؤلاء المطلعين أن نائب وزير الحرب، ستيف فاينبرج، يتولى دوراً مباشراً بشكل لافت في هذه الجهود، التي تحمل اسم “مجلس تسريع إنتاج الذخائر”، حيث يتواصل أسبوعياً مع بعض مسؤولي الشركات لمتابعة التطورات.
وكان البنتاغون دعا كبار موردي الصواريخ إلى اجتماع مائدة مستديرة في يونيو الماضي لإطلاق هذه المبادرة.
وحضر اللقاء وزير الحرب بيت هيغسيث، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، دان كاين، إلى جانب رؤساء تنفيذيين لشركات أسلحة كبرى، وشركات صاعدة مثل “أندوريل إندستريز” Anduril Industries، إضافة إلى عدد من موردي المكونات الحيوية مثل الوقود الصاروخي والبطاريات.
مسارات استثنائية
وقال المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، رداً على سؤال بشأن الجهود المبذولة: “الرئيس ترامب والوزير هيغيسث يستكشفان مسارات استثنائية لتوسيع قوتنا العسكرية وتسريع إنتاج الذخائر. لقد كان هذا الجهد ثمرة تعاون بين قادة صناعة الدفاع وكبار مسؤولي البنتاغون”.
لكن بعض المشاركين في هذه الجهود، سواء من داخل الحكومة أو خارجها، أعربوا عن قلقهم من أن الأهداف الحكومية غير واقعية. إذ قد يستغرق تصنيع صاروخ واحد بالكامل نحو عامين، كما أن اختبار أسلحة من موردين جدد والتأكد من سلامتها وموثوقيتها لاستخدامها من قبل الجنود الأميركيين، قد يتطلب عدة أشهر ومئات ملايين الدولارات.
وتُطرح أيضاً تساؤلات بشأن الأموال اللازمة لتسريع الإنتاج، خاصة في ظل قانون الإنفاق الذي وقّع عليه ترامب في يوليو الماضي، والذي خصص 25 مليار دولار إضافية لتمويل الذخائر على مدى خمس سنوات، لكن محللين يقولون إن بلوغ الأهداف الطموحة للبنتاغون سيتطلب عشرات المليارات الإضافية.
وقال توم كاراكّو، الخبير في الذخائر لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: “الشركات لا تنتج هذه الأشياء من تلقاء نفسها. إنها تنتظر الحكومة لتضعها على العقود. لا بد من إظهار الدعم بالمال، لا بالكلمات فقط”.
وأعلنت شركات دفاع أميركية مثل “لوكهيد مارتن”، و”رايثيون” استجابتها لخطط البنتاجون، عبر توظيف مزيد من العمال، وتوسيع خطوط الإنتاج، وزيادة مخزونات قطع الغيار استعداداً لارتفاع محتمل في الطلب. لكن بعض الموردين واجهوا صعوبة في بلوغ الأهداف الجديدة ويترددون في الإنفاق الكبير على طلبيات لم تموَّل بعد من قبل الحكومة.
ومنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، يشعر المسؤولون العسكريون الأميركيون، بالقلق بشأن قدرة الولايات المتحدة على رفع وتيرة إنتاج الأسلحة. وكانت إدارة الرئيس السابق جو بايدن قد أطلقت في عام 2023 مبادرة لزيادة معدلات إنتاج الذخائر ومعالجة اختناقات سلاسل التوريد.
وقال وكيل وزارة الدفاع آنذاك، بيل لابلانت: “لقد كان الصراع الحالي في أوكرانيا جرس إنذار. تركنا خطوط الإنتاج تتوقف، وسمحنا بقطع الغيار بأن تصبح قديمة، وشهدنا مورّدين من المستويات الدنيا يندمجون أو يخرجون من السوق نهائياً”.
12 نوعاً من الأسلحة
لكن الطلبيات الجديدة من الصواريخ، لم تواكب الاستهلاك المتسارع لصواريخ اعتراضية باهظة مثل باتريوت، المستخدمة في حماية أوكرانيا من القصف الروسي المكثف. ويريد المسؤولون الأميركيون المزيد من هذه الصواريخ لحماية القواعد والحلفاء في منطقة المحيط الهادئ.
وبحلول يونيو، وضعت إدارة ترامب أهدافاً أكثر طموحاً للإنتاج. ثم جاءت الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، حيث أطلقت الولايات المتحدة مئات الصواريخ المتطورة، مما زاد استنزاف مخزونها الصاروخي.
ويركّز مجلس التسريع الجديد، على 12 نوعاً من الأسلحة تريد وزارة الحرب الأميركية توفرها تحسباً لنزاع محتمل مع الصين، بحسب بعض المصادر. وتشمل القائمة صواريخ باتريوت الاعتراضية، وصواريخ مضادة للسفن بعيدة المدى، وصواريخ ستاندرد 6، وصواريخ الضربات الدقيقة، وصواريخ جو-أرض بعيدة المدى.
ويُعد الباتريوت أولوية خاصة، بعدما عجزت “لوكهيد مارتن” عن مواكبة الطلب العالمي المتزايد.
وطلبت وزارة الحرب الأميركية في اجتماع يونيو الماضي، من الشركات المنتجة، توضيح كيفية زيادة الإنتاج بمقدار 2.5 مرة خلال فترات من 6 و18 و24 شهراً، وفقاً لوثائق اطلعت عليها الصحيفة. كما طلب الجيش من الموردين شرح كيف يمكنهم جذب استثمارات خاصة جديدة، أو حتى ترخيص تقنياتهم لمصنّعين آخرين.