خاص – علي عمر
مع تحول الأنظمة الدفاعية حول العالم إلى أنظمة رقمية مترابطة، أصبح الأمن السيبراني، والتشفير المقاوم للكم، والاتصالات ذات المرونة العالية، ركائز أساسية في استراتيجيات الأمن والدفاع الوطني.
وعلى هامش معرض دبي للطيران 2025، أجرى الأمن والدفاع العربي مقابلة حصرية مع السيد كريستوف سالومون، نائب الرئيس التنفيذي لأنظمة المعلومات والاتصالات الآمنة في شركة تاليس، للحديث حول كيفية استعداد الشركة لمواجهة الجيل الجديد من التهديدات — بما في ذلك الهجمات السيبرانية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ومخاطر الحوسبة الكمية، وتعقيدات ميدان المعركة الحديث.
وفيما يلي نص المقابلة الكاملة:
1- بات الأمن السيبراني خط الدفاع الأول؛ ما الحلول المتقدمة التي تقدمها تاليس لتحسين الكشف المبكر ومنع الهجمات السيبرانية المعقدة التي تستهدف الشبكات العسكرية والبنى التحتية الوطنية؟
تتمتع تاليس بعدة نقاط قوة رئيسية. فنحن نعمل على مقربة شديدة من البيئات التي تُستخدم فيها أنظمتنا الدفاعية، مما يمنحنا رؤية عميقة لآليات ظهور التهديدات وتطورها.
كما نتعاون بشكل وثيق مع الوكالات الوطنية المتخصصة في الأمن السيبراني، وهو ما يتيح لنا الحصول على إنذارات مبكرة حول طرق الهجوم الجديدة.
داخل تاليس، نمتلك فرق “الهجوم الأحمر” — وهم خبراء عاليون في الاختبار الهجومي — يعملون باستمرار على محاولة اختراق أنظمتنا. ويسمح لنا ذلك بتحسين دفاعاتنا وتقديم حلول أقوى لعملائنا.
تغطي منظومتنا كامل سلسلة الأمن السيبراني: أنظمة التشفير المتقدمة وعالية المستوى، جدران حماية، المستشعرات السيبرانية، وأدوات الحماية المرتبطة بالحرب الإلكترونية.
نحن نؤمّن كل شيء — من مستوى المنتج، وصولاً إلى الكشف والاستجابة.
2- تُعد الاتصالات الآمنة والمستقرة أمراً حاسماً في البيئات المتنازع عليها؛ ما الابتكارات التي تقدمها تاليس لضمان اتصالات مشفرة، مقاومة للتشويش، وغير منقطعة خلال العمليات الدفاعية؟
التهديدات الحديثة متعددة الأبعاد — فالصاروخ، على سبيل المثال، قد يأتي من الأرض أو الجو أو حتى الفضاء. لذا يجب أن تكون أنظمتنا قادرة على دمج المدخلات من الرادارات والمستشعرات والأقمار الصناعية والمنصات البرية في نظام C4I موحّد.
نحن نطوّر وننتج هذا “المحرك المركزي” للـ C4I، الذي يجمع بيانات الرادارات البرية والبحرية والجوية، وحتى أقمار الإنذار المبكر.
يقوم النظام بتكوين صورة عملياتية موحدة، وتحديد التهديدات، واقتراح أفضل مؤثر أو سلاح للتعامل معها.
وبسبب احتمال ظهور عدة تهديدات في نفس الوقت، يعتمد اتخاذ القرار على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين اختيار المؤثر الأنسب في الزمن الحقيقي.
وعلى مستوى الاتصالات، نحن نحمي البيانات نفسها (COMSEC) باستخدام التشفير والمكوّنات العتادية الأمنية، ونحمي مسار الإرسال (TRANSEC) عبر تقنيات مقاومة التشويش، وانخفاض احتمالية الاعتراض، والموجات اللاسلكية المتقدمة.
وتُصمّم أجهزة الاتصال لدينا — VHF وL-Band وSATCOM — لحماية كل من المحتوى ومسار الإرسال من الاختراق أو التعطيل.
3- كيف تعزز تاليس الوعي متعدد المجالات عبر التطورات في الملاحة الآمنة، دمج الرادارات، انصهار المستشعرات، والأنظمة الرقمية للقيادة والسيطرة؟
نتعامل مع الوعي الظرفي من خلال الدمج الكامل متعدد المجالات.
تجمع أنظمة C4I البيانات من جميع المستشعرات — برية وبحرية وجوية وفضائية — وتدمجها في صورة عملياتية واحدة موثوقة.
يشمل ذلك حلول الملاحة الآمنة، ومعالجة البيانات الرادارية المتقدمة، والدمج متعدد المستشعرات المعزّز بالذكاء الاصطناعي.
الهدف واضح: منح القادة رؤية دقيقة وسريعة لاتخاذ قرارات حاسمة في بيئات عملياتية معقدة.
4- تعتبر الحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي عوامل تغير قواعد اللعبة في مجال الاتصالات الآمنة؛ كيف تستعد تاليس لعصر ما بعد التشفير التقليدي الذي قد تصبح فيه الأنظمة الحالية معرضة للاختراق؟
نعلم مسبقاً أن الخوارزميات التقليدية للتشفير غير المتماثل لن تصمد أمام قدرات الحوسبة الكمية.
فالبيانات المشفّرة اليوم قد يتم اعتراضها وفكها خلال 5 إلى 10 سنوات بواسطة حاسوب كمي مستقبلي — لذا يجب حمايتها من الآن.
تاليس كانت من أوائل الشركات المساهمة في تطوير التشفير المقاوم للكم.
وقد تم اختيار خوارزميتنا Falcon واعتمادها من قبل NIST كإحدى الخوارزميات القياسية لما بعد الكم.
مهمتنا هي مساعدة الجيوش والمؤسسات الدفاعية على الانتقال مبكراً إلى التشفير المقاوم للكم، لضمان حماية طويلة الأمد للبيانات والاتصالات.
5- مع بدء تصنيع رادارات Ground Master في المصنع الجديد، كيف ستدمج تاليس الأمن السيبراني داخل منظومة الإنتاج لحماية سلسلة توريد الرادار من التهديدات الرقمية أو الاستغلال الخارجي؟
نطبق نهجاً يعتمد على ثلاثة أعمدة:
- اختيار سلسلة التوريد:
نقوم بتقييم واختيار الموردين الذين يلتزمون بمعايير صارمة في الأمن السيبراني. مستوى النضج السيبراني معيار أساسي. - المراقبة السيبرانية المستمرة:
نرافق الموردين طوال دورة الإنتاج — وليست عملية “توقيع ثم إهمال”.
نقوم بالمراقبة والتحسين والمساعدة على رفع مستوى الحماية. - إنتاج العناصر الحساسة داخل منطقة صناعية آمنة:
تُنتج الأجزاء الأكثر حساسية بالكامل داخل شبكة محمية ومجزّأة، مثل “مجمع توازن الصناعي” .
وهذا يضمن السيطرة الكاملة على التقنيات الأساسية للرادار.
6- تلعب التحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي دوراً أساسياً في الدفاع السيبراني؛ كيف تستخدم تاليس الذكاء الاصطناعي للكشف التنبؤي عن التهديدات وتتبع الشذوذ وتعزيز الجاهزية السيبرانية؟
تنتج الأنظمة الحديثة مليارات السجلات يومياً، ومن المستحيل على البشر تحليلها يدوياً.
وهنا يصبح الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة أمراً أساسياً.
نستخدم الذكاء الاصطناعي في عدة مجالات:
تحليل السجلات والشذوذ: كشف السلوكيات غير الطبيعية في الزمن الحقيقي.
مساعدة المشغّل عبر نماذج LLM: تقديم إرشادات وإجراءات فورية للتعامل مع الحوادث.
المحاكاة الهجومية: استخدام الذكاء الاصطناعي لاختبار الأنظمة وتحديد الثغرات قبل أن يستغلها الخصوم.
توليد القواعد والسياسات: إنشاء وتحديث ومراقبة قواعد الأمن السيبراني.
باختصار: الذكاء الاصطناعي أصبح لا غنى عنه لمواجهة حجم وتعقيد التهديدات السيبرانية.
7- ما الرؤية طويلة المدى لـ تاليس لدمج الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والتقنيات الكمية والاتصالات المقاومة للتشويش لتعزيز الابتكار الوطني والسيادة الرقمية في المنطقة؟
استراتيجيتنا واضحة: بناء منظومات دفاعية سيادية، قابلة للتطوير، وبالتعاون مع الشركاء المحليين.
نهدف إلى مشاركة خبراتنا في التشفير المتقدم، والذكاء الاصطناعي، والاتصالات الآمنة، والتقنيات ما بعد الكم مع الشركاء الإقليميين مثل دولة الإمارات — والاستفادة في المقابل من مهاراتهم وقدراتهم الابتكارية.
نحن بالفعل في مراحل متقدمة من مناقشة اتفاقيات جديدة قد يتم الإعلان عنها قريباً، ما يعكس التزامنا بالشراكات الصناعية طويلة الأمد في المنطقة.
وتؤمن تاليس أن الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والتقنيات الكمية والاتصالات المقاومة للتشويش ستكون العمود الفقري للسيادة الرقمية الوطنية — ونرى الشرق الأوسط في طليعة المناطق التي تتبنى هذه القدرات الحيوية للمستقبل.
