SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

ديانا علام

تشهد الصناعات العسكرية السعودية نمواً سريعاً حيث تهدف إلى أن تصبح لاعباً رئيسياً في صناعة الدفاع العالمية وتقليل اعتماد المملكة العربية السعودية على المنتجات الدفاعية الأجنبية. كان الدافع وراء هذا التحول هو عدد من العوامل، بما في ذلك الثروة النفطية الهائلة للبلاد، وموقعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ورغبتها في تقليل اعتمادها على الواردات الأجنبية.

أحد المحركات الرئيسية وراء هذه الصناعة المزدهرة، بخاصة النمو السريع للصناعات العسكرية السعودية (سامي)، وهي شركة تابعة مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، الذي أنشئ في مايو 2017. وسرعان ما أصبحت اللاعب الرئيسي في صناعة الدفاع في المملكة. من خلال مجموعة من التحركات الخارجية والداخلية، تهدف سامي إلى أن تصبح شركة تصنيع معدات أصلية وأن تكون من بين أكبر 25 شركة دفاع في العالم كما وتوطين نصف الإنفاق الدفاعي للمملكة بحلول عام 2030.

صناعة الدفاع في المملكة العربية السعودية جديدة نسبياً، يعود تاريخها إلى أوائل 1970. في السنوات الأولى، كان قطاع الدفاع في المملكة يركز بشكل أساسي على تجميع وإصلاح الأسلحة والمعدات الأجنبية الصنع. وفي الآونة الأخيرة، سعت البلاد إلى الاعتماد على الذات في التصنيع العسكري.

تم الكشف عن الزيادة في الإنفاق الدفاعي لأول مرة في عام 2016 في أول مقابلة تلفزيونية على الإطلاق مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والتي غطت مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بمستقبل المملكة.

“هل يُعقل أن في 2014، كانت المملكة العربية السعودية أكثر رابع دولة في العالم، وفي 2015 أكثر ثالث دولة تنفق عسكرياً؛ في حين أننا ليس لدينا صناعة عسكرية داخل المملكة؟” سأل ولي العهد خلال المقابلة.

“لدينا مطلب قوي يجب أن نلبيه داخل المملكة العربية السعودية، وهو الطلب على الصناعات العسكرية”. خلال هذه المقابلة نفسها، ألمح ولي العهد إلى إنشاء شركة قابضة للصناعات العسكرية، “وهي نسبة 100 في المائة للحكومة” وهكذا ولدت فكرة سامي.

هدف سامي هو توطين 50 في المائة من الإنفاق الدفاعي للمملكة بحلول عام 2030. ولتحقيق ذلك، أنشأت سامي 12 مشروعاً مشتركاً مع أكبر وأفضل مصنعي المعدات الأصلية في العالم. وقد مكنت هذه المشاريع المشتركة سامي من اكتساب التكنولوجيا والخبرة التي تحتاجها لتطوير منتجاتها الدفاعية الخاصة. وبالتالي، فإنها لا تزال تركز على تطوير وتعزيز المنتجات من خلال خلق الفرص وبناء شراكات مستدامة محلياً ودولياً.

قدرة متنامية

في السنوات الخمس التي تلت تأسيسها، أطلقت سامي العديد من المنتجات المبتكرة مثل “حزم” و”ملهم” و”رؤيا”. وقد ساعدت هذه المنتجات في ترسيخ تأثير المملكة العربية السعودية ومكانتها في صناعة الدفاع على مستوى العالم. من خلال استثمارها وشراكتها مع نافانتيا، وهي شركة إسبانية مملوكة للدولة لبناء السفن، أكملت سامي بنجاح “السروات”، وهو مشروع يضم خمسة طرادات أفانتي 2200 جديدة للقوات البحرية الملكية السعودية مع قدرات للتعامل مع الأهداف الجوية أو السطحية أو تحت السطحية.

وقد تم تجهيز كل من “إتش إم إس الجبيل” و”إتش إم إس الديرية” الآن بحزم، وهو نظام قتالي متكامل يجمع بين الأسلحة وأجهزة الاستشعار الموجودة على متن الطائرة في نظام واحد. إنه أول نظام لإدارة القتال يتم تطويره من قبل المملكة.

ملهم، وهو نظام آخر لإدارة المعارك طورته سامي، هو نظام لإدارة المعارك للجنود الراجلين ومراكز القيادة الثابتة ومراكز القيادة المتنقلة، وهو مصمم لتعزيز القدرة القتالية للتشكيلات البرية.

وفي الوقت نفسه، فإن رؤيا عبارة عن برج مدرع خفيف الوزن يمكن تسليحه بمدفع رشاش عيار 7.62 أو 12.7 ملم أو قاذفة قنابل يدوية عيار 40 ملم.

من خلال الشراكات مع القادة العالميين في قطاع الدفاع، طورت سامي مجموعة من المركبات المدرعة والدبابات ومركبات المشاة القتالية والطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار، واستخدمت تقنيات جديدة، مثل الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المركبات ذاتية القيادة. نجاحها لم يذهب دون سابق إنذار. وصنفت سامي ضمن أفضل 100 شركة دفاع في ديفنس نيوز للعام الثاني على التوالي، حيث ارتفع 19 مركزاً منذ العام الماضي إلى 79. وضعت الشركة أنظارها على الترتيب بين أفضل 25.

ومع ذلك، فإن سامي ليست الشركة الوحيدة التي تساهم في توسع صناعة الدفاع السعودية. ومن بين الشركات الأخرى شركة الصناعات العسكرية العربية (Arabian Military Industries) وشركة الصناعات العسكرية Military Industries Corp.)) وشركة سامي للإلكترونيات المتقدمة  SAMI Advanced Electronics Co.)) وهي شركة تابعة لشركة الدفاع.

يعود جزء كبير من نجاح القطاع إلى استثمارات الدولة الوفيرة. في عام 2022، احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الخامسة في العالم من حيث الإنفاق العسكري، بعد الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند، حيث خصصت 75 مليار دولار للدفاع وهو ما يمثل 3.3 في المائة من الإنفاق العسكري العالمي. تصدرت الولايات المتحدة الترتيب بمبلغ 877 مليار دولار، أو 3.5 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي. ومع ذلك، يمثل إنفاق المملكة العربية السعودية حصة أعلى من ناتجها المحلي الإجمالي، بنسبة 7.4 في المائة.

قد أدى النمو السريع لشركة سامي منذ ذلك الحين إلى زيادة كبيرة في التوظيف، حيث تضم الشركة الآن أكثر من 3000 موظف، 84 في المائة منهم سعوديون، مع خطط لإضافة 1500 موظف إضافي في الربع القادم. كان لدى الشركة 63 موظفاً فقط في عام 2018.

بهدف تطوير المواهب والخبرات المحلية في صناعة الدفاع، أنشأت سامي عدداً من برامج التدريب والتطوير لمساعدة السعوديين على اكتساب المهارات والمعرفة التي يحتاجونها.

الفضاء الجوي وتنظيم الطائرات بدون طيار وصناعة الفضاء هي قطاعات متنامية أخرى في سوق الدفاع شهدت زيادة الاستثمار. وقعت الحكومة عقوداً مع العديد من اللاعبين في هذه المجالات، بما في ذلك بوينج، ولوكهيد مارتن، ومحركات طائرات الهليكوبتر في سافران، وإس تي إنجينيرينغ، وإيرباص، وإل 3 هاريس.

اعتباراً من أوائل عام 2023، خططت سامي لتفعيل مشاريع مشتركة جديدة مع إيرباص وبوينج وإم بي دي إيه ولوكهيد مارتن وربما هانوا في كوريا الجنوبية. وركز المشروع المشترك مع بوينج على تقديم الدعم الفني للطائرات العمودية، في حين أن شراكة 2022 مع شركةST Engineering  السنغافورية تعمل بالفعل، وكلاهما يستكشفان التعاون في القدرات الذاتية. وفي الوقت نفسه، تم تشغيل المنشأة التي تم تطويرها بشكل مشترك في الرياض من قبل شركة SAMI Composites وشركة لوكهيد مارتن، والتي ستعزز قدرات تصنيع الطيران في المملكة، بحلول نهاية عام 2023.

فوائد الاستثمار في صناعة الدفاع في المملكة العربية السعودية

الاستثمار في صناعة الدفاع في المملكة العربية السعودية له فوائد متعددة للبلاد. أولاً، يساعد على تقليل اعتماد المملكة على الواردات الأجنبية. هذا مهم للأمن القومي، لأنه يقلل من تعرض البلاد لاضطرابات سلسلة التوريد. ثانياً، يخلق نمو قطاع الدفاع وظائف وفرص عالية المهارة للمواطنين السعوديين. وأخيراً، يساعد على تطوير القدرات التكنولوجية والتصنيعية للبلاد، مما يؤدي إلى التنويع الاقتصادي ونمو القطاعات الأخرى.

تحديات ومستقبل مشاريع الدفاع المحلية

في حين خطت الشركة السعودية للصناعات الثقيلة خطوات كبيرة من خلال الشراكات الاستراتيجية وعمليات الاستحواذ ومبادرات البناء، لا تزال التحديات في التوظيف وتكاليف التصنيع المحلية قائمة، حتى مع توسعها وربما تأثيرها على قرارات الشراء الدفاعية المستقبلية. بالإضافة إلى مواجهة المنافسة من إيدج، وهي مجموعة دفاعية مزدهرة مقرها في الإمارات العربية المتحدة، تكافح سامي للعثور على ما يكفي من الفنيين لتشغيل مشاريعها. ولهذا السبب تم مؤخراً إنشاء أكاديمية لتدريب الفنيين العسكريين السعوديين، بالتعاون مع شركات دفاعية رائدة.

التحدي الآخر ذو طبيعة مالية. تميل المنتجات المصنعة محلياً إلى أن تكون أكثر تكلفة من تلك التي يتم شراؤها من موردين أجانب، بسبب الحاجة إلى الاستثمار في البحث والتطوير والتسهيلات اللازمة لزيادة الإنتاج. وبعبارة أخرى، يجب أن تكون الجهات المشترية (القوات المسلحة ووزارة الداخلية وغيرها) على استعداد لدفع علاوة على المعدات المصنوعة في المملكة العربية السعودية؛ وإلا فلن يتمكن مصنعو الدفاع المحليون من التنافس مع المنافسين الأجانب، على الأقل في المراحل المبكرة. وانعكاساً لذلك، قال محافظ الهيئة العامة لتنظيم قطاع الدفاع في المملكة العربية السعودية، إن المملكة أنفقت 1.4 مليار دولار في شكل حوافز لتعزيز قطاعها العسكري المحلي في عامي 2021 و 2022.

مع استمرار سامي في التوسع، من المرجح أن تلعب دوراً مؤثراً بشكل متزايد في قرارات المشتريات الدفاعية المستقبلية. ستكون مجالات تركيز سامي في السنوات القادمة هي الأنظمة غير المأهولة والرادارات والأمن السيبراني. ومن المرجح أن تضطر الشركات التي تسعى إلى تصدير معدات دفاعية إلى السعودية إلى العمل مع شركة سامي وإعطاء الأولوية لنقل التكنولوجيا من خلال مشاريع مشتركة أو وسائل أخرى، ويمكن تهميشها إذا رفضت القيام بذلك. الشركات الأميركية ليست وحدها في التعامل مع سامي; كما أقام منافسون آخرون من إسبانيا وفرنسا وبلجيكا وكوريا الجنوبية شراكات وثيقة مع تكتل الدفاع السعودي. إن الآثار المترتبة على صعود سامي مهمة لكل من صناعة الدفاع السعودية وشركات الدفاع الدولية التي تسعى إلى القيام بأعمال تجارية في المملكة.

شارك الخبر: