SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

رياض قهوجي: إذا هاجمت إسرائيل إيران سيكون لبنان في خطر

ByRiad Kahwaji

مايو 14, 2012 #رياض قهوجي

 

أكد المدير التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (إينجما)، رياض قهوجي، أن لبنان “سيكون في دائرة الخطر في حال[*] قررت إسرائيل شن عمل عسكري ضد إيران”، لاقتا إلى “أن بعض المراقبين شبّه التحالف الإسرائيلي الحالي بذلك الذي تشكل عشية اندلاع حرب العام 1967.”

واعتبر قهوجي، في حديث لجريدة “الجمهورية”، أنه “في حال فشلت المفاوضات والعقوبات ضد إيران فإن الخيار العسكري يصبح مرجحاً”، مشدداً على “أن واشنطن على رغم النكسات، تبقى قوة عظمى وتمتلك المبادرة للحفاظ على مصالحها.”

وفي ما يلي نص الحوار:

• 
ما الذي فرض حكومة الائتلاف الإسرائيلية الجديدة؟ تعقيدات الداخل الإسرائيلي أم حشد أكبر عدد من المؤيدين، تمهيداً لحرب محتملة ضد إيران؟ وكيف قد يتأثر لبنان في ضوء النيات الإسرائيلية؟

ـ المصلحة المشتركة بين نتنياهو وموفاز أدت إلى ولادة هذه الحكومة التي تملك اليوم قاعدة واسعة جدا. فمن جهة، يحتاج موفاز إلى وقت لإعادة بناء القاعدة الشعبية لحزب كاديما، في حين أن نتنياهو يحتاج لأن يتحرر من ابتزاز اليمين المتطرف وهيمنته على سياسة حكومته التي بدأت تتضارب مع المصالح الأميركية والغربية.

كما تستوجب خطورة الوضع الإقليمي، خصوصاً في ضوء ما يجري مع إيران، والربيع العربي، وجود حكومة ائتلاف تعطي لرئيس الحكومة حصانة في اتخاذ القرارات الأمنية الكبيرة، خصوصاً قرارات الحرب.

وقد شبّه بعض المراقبين التحالف الإسرائيلي الحالي بذلك الذي حصل بين اليمين واليسار في إسرائيل، عشية اندلاع حرب 1967.

إذا قررت إسرائيل شن عمل عسكري ضد إيران فسيكون لبنان في دائرة الخطر، إذ قد يؤدي رد الفعل الإيراني إلى اندلاع حرب إقليمية لن يكون لبنان في منأى عنها.

حزب الله هو جزء أساسي من تحالف المحور الإيراني في المنطقة، وقد يُجرّ إليها. من جهة أُخرى، قد تستغل إسرائيل تفاقم الوضع في سوريا واحتمال سقوط النظام هناك، لشن حرب انتقامية ضد حزب الله .


هل تضررت مصالح إسرائيل بفعل تداعيات الربيع العربي؟ وهل هي في أزمة حقيقية نتيجة تحول محيطها أكثر عدائية، لا سيما مصر؟

ـ لقد أوجد الربيع العربي واقعاً جديداً سيهدد عملية السلام برمتها، خصوصاً إذا أبقت إسرائيل على سياستها الحالية في بناء المستوطنات وتهويد القدس. فالحكومات في الدول المحيطة بإسرائيل ستصبح في غالبيتها من أحزاب إسلامية، وستكون أكثر ديموقراطية، ما يجعلها أكثر خضوعا للرأي العام.

وعليه، فإن رد فعل السياسات الإسرائيلية سيكون أنها ستزداد تشدداً، وقد تؤدي مع الوقت إلى انهيار اتفاقات السلام وارتفاع احتمالات اندلاع حروب عربية – إسرائيلية في المستقبل، تشمل دولاً مثل مصر والأُردن.

كما أن دخول العامل الإيراني، وما يرافقه من تنافس شيعي – سني في المنطقة، سيتحول مع الوقت ضد إسرائيل، إذ سيتنافس كل منهما على من سيكون أكثر تشدداً ضد إسرائيل وسياستها ضد الفلسطينيين وفي القدس.

إسرائيل حاولت وستحاول استغلال انشغال العالم العربي بالثورات الداخلية والصراع السني – الشيعي لإيجاد واقع جديد في الأراضي المحتلة. إلاّ أن هذه الحال قد لا تدوم طويلا، وستجد إسرائيل نفسها عاجلا أم آجلا مضطرة إلى مواجهة واقع سياسي جديد في محيطها .


ما هي السياسات الإسرائيلية الفعلية تجاه ما يجري في سوريا؟ وهل تخشى تل أبيب الفوضى على حدودها؟

ـ إسرائيل دعمت على مدى العقود الماضية حزب البعث نتيجة التفاهم الذي تم بينهما في ما يخص إبقاء حال الاستقرار في مرتفعات الجولان.

لكن هذا الوضع بات من الصعب الاستمرار عليه نتيجة ما تعتبره الإدارة الاسرائيلية وصول النفوذ الإيراني في سوريا إلى مستوى كبير يهدد أمنها، خصوصاً في ما يخص حجم تسليح حزب الله وتجهيزه، وتقدم برنامج ايران النووي.

كما أن مستوى العنف في سوريا بلغ مستوى كبيراً جداً، تدرك على أثره إسرائيل أنه بات من الصعب توقع استمرار النظام السوري بعد أن فقد شرعيته الداخلية والخارجية .

هناك تباين في المواقف في شأن تسليح المعارضة السورية، فأين هي حقيقة ما يجري على الأرض؟ هل التسليح جارٍ؟ من يقوم به؟ وهل قد يُغير في موازين القوى؟

ـ تباين تسليح المعارضة في سوريا أسبابه انقسام المجتمع الدولي حول طريقة إدارة المواجهة مع النظام الحالي، وضبابية ما سيجري في سوريا بعض سقوط النظام.

كما أن هناك رفض أميركي – غربي لتكرار التجربة الليبية في سوري،ا بحيث تتحول فرق الثوار ميليشيات تهدد أمن إسرائيل في الجولان.

شروط تسليح الثوار من وجهة نظر الغرب يجب أن تكون خاضعة لسيطرة كبيرة، وأن يكون الثوار تحت قيادة عسكرية واضحة، تضم قيادات عسكرية موثوقة ضمن صفوف “الجيش الحر”.

لكن الغرب يدرك أنه لن يستطيع أن يبقى على الحياد، ما سيترك الطريق مفتوحاً، والسماح لقوى إسلامية بملء الفراغ عبر تزويد المعارضة السلاح.

وعليه، فإن هناك جهودا خفية تبذلها جهات عربية وغربية لتنظيم صفوف الثوار وتزويدهم السلاح بحجم محدود وبطيئ، بما يكفي لصمودهم ضد جيش النظام حتى تبلور الظروف الدولية المناسبة التي ستسمح بتدخل عسكري حاسم يأتي، إما عبر قرار للأمم المتحدة، أو عبر تحالف دولي يقوده حلف “الناتو” ويشمل دولاً عربية. كما أن هناك جهداً فردياً تقوم به بعض القوى المعارضة لتزويد الثوار السلاح .

لفت قبل أسبوعين نشر الولايات المحدة طائرات هجومية متطورة في دولة الإمارات، ونشرت تقارير عن مناورات مشتركة خليجية – غربية، هل تعتبرون أن هناك تحضيرات لشن حرباً ضد إيران وبرنامجها النووي، في حال فشل مفاوضات بغداد؟ أم أن ذلك هو فقط للضغط على طهران لإنجاح هذه المفاوضات؟

ـ إحتمالات شن أميركا ضربات جوية ضد إيران في حال فشل المفاوضات والعقوبات، أمر قائم ووارد بشدة.

ويأتي نشر الطائرات الأميركية بعد خطوة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الاستفزازية، بزيارته أحد الجزر الثلاث المتنازع عليها بين الإمارات وإيران.

الخطوة الإيرانية وما تبعها من تهديدات، دفع أبو ظبي إلى اتخاذ خطوة السماح لواشنطن بنشر جناح من أحدث مقاتلاتها الهجومية الخفية طراز أف – 22، والتي تستطيع بلوغ الأراضي الإيرانية من أبو ظبي في أقل من خمس دقائق، ما يمكنها من ضرب أهداف إيرانية بسهول كبيرة، ومن دون أن يكون للدفاعات الجوية الإيرانية الوقت الكافي للتصدي لها. لذا، فإن نشر هذه الطائرات يشكل عامل ردع ضد ايران من جانب الإمارات، ومن جانب آخر تشكل عامل ضغط نفسي كبير على طهران .


كيف تتابعون تطور الموقف الأميركي من ملف إيران النووي؟ وهل الفترة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية الأميركية هي الفرصة الأفضل لطهران لنيل ما تسعى إليه؟ أم أن كل الخيارات تبقى مفتوحة بغض النظر عن السباق على البيت الأبيض؟

ـ لا تزال واشنطن تتوقع أن تؤدي العقوبات الاقتصادية والمالية الجديدة على إيران إلى ثنيها عن سياستها في ما يخص البرنامج النووي.

لكن حجم ضغوط اللوبي الإسرائيلي واليمين الأميركي وضع الإدارة الأميركية أمام خيار صعب قد يحتّم عليها اللجوء إلى الخيار العسكري في وقت أقرب مما تبغي.

تحديد تاريخ أي هجوم أميركي على إيران غير مرتبط بتوقيت الانتخابات الأميركية، بمقدار ما هو مرتبط بتقوييم الإدارة الأميركية وإسرائيل لمدى تقدم برنامج إيران النووي وقربها من القدرة على تصنيع سلاح نووي .


تبدو الساحة اللبنانية متوترة بفعل قانون الانتخاب والسياسة المالية، وتضغط عليها الأزمة السورية بشدة، فهل سيدخل العامل الإسرائيلي مجدداً ليخلط الأوراق من خلال حرب ضد حزب الله؟ وما هي حسابات الربح والخسارة في حرب كهذه، وكيف تتوقعون السيناريوهات إن وقعت لا سمح الله؟

ـ دخول العامل الإسرائيلي على الساحة اللبنانية يأتي إما عبر قرار إسرائيلي أو إيراني.

القرار الإسرائيلي قد يأتي نتيجة تطور الأوضاع في سوريا، خصوصا مع سقوط النظام وانهيار المحادثات مع إيران بشأن ملفها النووي.

هدف العملية الإسرائيلية سيكون تدمير قدرات حزب الله العسكرية وإضعافه وحلفائه السياسيين في لبنان، وإخراج لبنان من دائرة النفوذ الإيراني.

وقد يأتي بمبادرة إيران- حزب الله في حال وجدت طهران نفسها وسط حرب إقليمية تهدد بقاءها، وسيكون هدفها في هذه الحال استدراج الدعم العربي وتقسيمه بين مؤيد ومعارض للحرب على إيران.

وجود حكومة ائتلاف سيمكن إسرائيل من إطلاق يد الجيش ضد لبنان، وسيشمل -حسب تقديرات كثير من المحللين في الغرب وإسرائيل- عملية اجتياح جزء من الأراضي اللبنانية يترافق مع قصف استراتيجي عنيف، يعاقب الفئات اللبنانية بأسرها، وخصوصا الشيعية، لدعمها حزب الله.

وستشترط إسرائيل لوقف إطلاق النار تجريد حزب الله من سلاحه ونشر قوات دولية على معظم الأراضي اللبنانية، خصوصا المعابر الحدودية كافة، والمطار والمرافئ.

حزب الله سيكون جاهزا كالعادة لكل الاحتمالات، لكنه يدرك أن العوامل على الأرض ستكون قد تغيرت، خصوصا انقطاع خطوط الإمداد عبر سوريا.

كلفة الحرب على إسرائيل، خصوصاً معاناة جبهتها الداخلية ستكون كبيرة، ولذلك فإن حكومة الائتلاف ستساعد إسرائيل على مواجهة عواقبها داخليا؛ في حين تشهد الساحة اللبنانية انقساماً أفقياً حاداً ستزيد الحرب من اتساعه .


في ضوء ترابط الأزمات في المنطقة وتشابكها، وبين تركيا وإسرائيل ودول الخليج بمصالحها المتضاربة أحياناً، أي طريق قد تسلك واشنطن، وبأي وسائل، للحفاظ على مصالحها الحيوية؟ وهل خسرت أميركا فعلاً القدرة على المبادرة في المنطقة، نتيجة عوامل متعددة قد تبدأ بأزمتها المالية ولا تنتهي بالإرباكات التي واجهتها في العراق وأفغانستان؟

ـ عانت أميركا نكسات عدة في المنطقة، ولكنها لم تخسر قدرتها على المبادرة. فهي لا تزال القوة العظمى الأقوى في العالم، وتملك قوات عسكرية تمكنها من التدخل في أي مكان في العالم.

لكن أميركا، وبسبب الانتخابات والأزمة المالية العالمية، تؤثر اليوم استخدام القوة الناعمة المتمثلة بالعقوبات الاقتصادية والمالية والسياسية للضغط على خصومها وحماية مصالحها.

غير أنها لن تتوانى عن استخدام القوة والقيادة من الخلف، مثلما فعلت في ليبيا.

كما أن أميركا لم تسحب قواتها من العراق وتعيدها إلى بلادها، إنما أعادت نشرها في المنطقة تحسباً لاستخدامها في المنطقة (إيران وسوريا)، إذا ما دعت الحاجة.

أميركا ما زالت قوة عظمى لن تتراجع عن اتخاذ أي خطوات لحماية مصالحها .

شارك الخبر: