SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

ديانا علام

تتعهد بولندا بأن يكون لبلادها “أقوى قوات برية في أوروبا” لتصبح أعظم قوة عسكرية قادمة، من خلال رفع ميزانيتها الدفاعية، وعقد صفقات شراء أسلحة ضخمة وتجهيزات دفاعية متطورة.
هي إحدى الدول ال 30 الأعضاء في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، يصنف جيش بولندا في المرتبة رقم 24 عالمياً. تمتلك 452 طائرة حربية تجعل قوتها الجوية في المرتبة 26 عالمياً. عدد جنود الجيش البولندي يصل إلى 152 ألف جندي وتطمح لزيادة العدد إلى 300 ألف جندي بحلول عام 2035. تقدر ميزانية دفاع الجيش البولندي بنحو 20 مليار دولار. وقعت مؤخراً عقوداً مع واشنطن لشراء 32 مقاتلة إف-35 و 366 دبابة “أبرامز” وأنظمة باتريوت مضادة للصواريخ، بالإضافة إلى توقيع عقود مع كوريا الجنوبية للحصول على ألف دبابة من طراز كي 2 وحوالي 700 من مدافع هاوتزر و50 طائرة مقاتلة من طراز إف أي 50.

ربما لا توجد دولة ترغب برفع مستوى جيشها بالعجلة والوتيرة التي تعمل عليها بولندا.

من ناحية العديد وضعت وارسو خططاً لزيادة عديد جيشها إلى 300،000 جندي أي ضعف العدد الحالي. أما من ناحية العتاد فقد اشترت بولندا 250 دبابة أبرامز من الولايات المتحدة ضمن صفقة بأكثر من 5 مليارات ومئتي مليون دولار تقريباً بالإضافة إلى ذلك، تمتلك بولندا مقاتلات أميركية من طراز إف 16 و إف 35. كما اشترت من كوريا الجنوبية دبابات K2 Black Panther ومدافع هاوتزر K9 Thunder ومقاتلات خفيفة FA-50 وقاذفات صواريخ K239 Chunmoo.

فهل تكون خيار الولايات المتحدة الأميركية الأمثل ضد روسيا؟

تبعد بولندا عن روسيا مسافة 4،900 كم لكنها تمتلك حدوداً مشتركة مع كالينينغراد الروسية ب 210 كم. ومنذ بداية الحرب الأوكرانية زاد التنسيق بين واشنطن ووارسو من أجل دعم كييف عسكرياً واستراتيجياً ايضاً وترجم ذلك مؤخراً بإرسال دبابات ليوبارد ألمانية الصنع إلى أوكرانيا. لكن هذا ليس كل شيء إذ أعادت الحرب في أوكرانيا دعوات في بولاندا من أجل إنشاء دولة من البحر إلى البحر أي من بحر البلطيق إلى البحر الأسود.

هناك العديد من العوامل التاريخية التي تزيد من حالة البارانويا لدى بولندا، خاصة العداء التاريخي بينها وبين روسيا، إذ عاشت بولندا حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، ومواجهة التهديد السوفيتي والألماني المستمر على ذلك. ففي سبتمبر 1939، خلال الحرب العالمية الثانية تم غزوها من قبل ألمانيا النازية والاتحاد السوفياتي حيث تقدمت القوات السوفياتية من جهة الشرق وألمانيا من جهة الغرب لتصبح بولندا خلال أيام معدودة غير موجودة على خريطة البلاد الأوروبية، مسببة بوفاة أكثر من ستة ملايين مواطن بولندي. لتُعيد الحرب الحالية، مع الهجوم الروسي على أوكرانيا، هذه المخاوف التي وجدت عبر التاريخ لدى البولنديين من تكرار الغزو من الجانب الروسي.

أيضاً عامل آخر يزيد من حدة التوتر والقلق بين روسيا وبولندا هي منطقة كالينينغراد، هذه الأرض الحبيسة ضمن الكيان الفدرالي الروسي، ولا تربطها أي حدود برية بها، تحيط بها بولندا ودول البلطيق استونيا، لاتفيا وليتوانيا، وفي حال نشوب أي حرب بين بولندا وروسيا ستضطر الأخيرة لإقتحام ممر سوالكي المؤدي إلى كالينينغراد وذلك عبر دول البلطيق.

وكان قد ذكّر الضابط السابق بالجيش الأميركي ستانيسلاف كرابيفنيك : “تلعب بولندا دوراً متزايداً بهدف الاستيلاء على الجزء الغربي من أوكرانيا. يعتقدون بأنهم يستطيعون فعل ذلك بمساعدة الناتو. لذلك، لن تدخل القوات البولندية الحرب رسمياً حتى تتلقى ضمانات صارمة بأن الناتو سوف يقف إلى جانبها. لكني لا أظن أن دول أوروبا الغربية مستعدة للدفع بجنودها، استجابة للمغامرة البولندية”.

وبحسب كرابيفنيك، لا يمكن لروسيا أن تضرب بولندا إلا إذا بدأت الطائرات المقاتلة إف-16، التي اتفقت عليها أوكرانيا مع الناتو، في الإقلاع من المطارات البولندية.

بدلاً من أن تفقد صوابها، التزمت بولندا الهدوء واكتفت بوضع قواتها المسلحة في حالة تأهب قصوى على الحدود مع أوكرانيا. هذا الهدوء قد أتى من جراء حقيقة بسيطة مرت على مدار سنوات بمعظم أوروبا؛ وهي أن بولندا تمتلك ما يمكن القول إنه “أفضل جيش في القارة، الذي سيزداد قوة خلال الفترة المقبلة”. البولنديون لا يشككون في جودة الجيش البولندي بل ويحتفظون بموقف إيجابي تجاهه.

أما من المنظار الروسي، فإن الأطلسي حشد نحو 360 ألف جندي قرب حدود “دولة الاتحاد” (روسيا وبيلاروسيا)، في سياق ما وصفه بـ”تحقيق الحلم التاريخي” لبولندا باحتلال غرب أوكرانيا. وأن بولندا أصبحت الأداة الأساسية لسياسة الولايات المتحدة المعادية لروسيا، مشيراً إلى أن المخاطر الحالية مرتبطة بعسكرة بولندا، مع إعلان وارسو عزمها على بناء أقوى جيش في القارة. وبناءً عليه، بدأت بشراء أسلحة على نطاق واسع من الولايات المتحدة وبريطانيا وكوريا الجنوبية، بما فيها دبابات وأنظمة المدفعية والدفاعات الجوية وأنظمة صاروخية ومقاتلات.

فهل ستدخل بولندا الحرب أم أنها تعزز قوتها العسكرية فقط من أجل خلق قوة ردع في المنطقة؟

شارك الخبر: