SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

البحرية الأميركية تعزز قدراتها الاستخباراتية في الشرق الأوسط

نشرت البحرية الأميركية مؤخراً، سرب طائرات مسيّرة مجهز بطائرة المراقبة الجديدة MQ-4C Triton في جزيرة صقلية الساحلية الإيطالية، لتعزيز قدراتها الاستخباراتية في أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، حسبما ذكرت صحيفة “Stars and Stripes” العسكرية الأميركية، ونقل عنها موقع “Warrior Maven”.

وجرى تطوير طائرة MQ-4C Triton المسيّرة بواسطة شركة Northrop Grumman، لاستخدامها إلى حد كبير من قِبَل البحرية الأميركية، استناداً إلى RQ-4 Global Hawk، وهي طائرة المراقبة المسيّرة شبه المستقلة التي يستخدمها سلاح الجو الأميركي.

وصُممت طائرة RQ-4 Global Hawk، لتعمل كبديل لطائرة الاستطلاع Dragon Lady، وبالمثل، تم تصميم الطائرة MQ-4C كبديل جزئي لطائرات المراقبة المأهولة القديمة من طراز P-3 Orion، وEP-3E Aries.

فيما أصبحت MQ-4C Triton مجهزة للتعامل مع غالبية مهام المراقبة البحرية، بينما ستتبنى P-8 Poseidon دوراً متخصصاً  أكثر في مكافحة الغواصات. ولم يحدث هذا التحول بعد، بسبب التأخيرات المتكررة في إنتاج طائرات Triton المسيّرة.

الاستطلاع فوق المحيط

وكان من المتوقع أن يتم تشغيل تلك الطائرة في عام 2015، ومع ذلك، فإنها لم تحقق القدرة التشغيلية الكاملة مع البحرية الأميركية إلا قبل أشهر قليلة، وتحديداً في سبتمبر 2023.

وبينما كانت توقعات البحرية الأميركية الأولية الحصول على 68 طائرة MQ-4C Triton، فقد استلمت فقط 5 طائرات حتى الآن.

وتعتبر التحسينات الأساسية التي أدخلت على RQ-4 Global Hawk، لإنتاج MQ-4C Triton، ذات طبيعة هيكلية.

وفي حين أن احتياجات المراقبة لسلاح الجو تعتمد في المقام الأول على الاستطلاع من ارتفاعات عالية، تتطلب احتياجات المراقبة للبحرية الأميركية رحلات منخفضة الارتفاع.

وتطلبت الطائرة MQ-4C Triton هيكلًا معززاً، وأجنحة أقوى، بالإضافة إلى أنظمة حماية من البرق، وقدرات متطورة للتعامل مع ضربات الطيور، وهبوب الرياح القوية، وخصائص الطقس القاسية للكتل الهوائية فوق المحيط.

ويبلغ مدى طائرة MQ-4C Triton ما يقرب من 10 آلاف ميل، ويمكنها الطيران لأكثر من 24 ساعة دون الحاجة للهبوط للتزود بالوقود أو الصيانة.

ولم يتم تزويد MQ-4C Triton بقدرات تخفي أو أسلحة، ولكن المطورين دمجوا عدداً من التقنيات والتكتيكات والتعديلات لضمان بقاء النظام الأساسي قابلاً للبقاء وملائماً في البيئات عالية التهديد.

وتتيح أجهزة الاستشعار ذات المدى الطويل وعالية الدقة للطائرة جمع صور دقيقة من مواقع أكثر أماناً على ارتفاعات عالية، وأقل عُرضة للدفاعات الجوية للعدو.

وأجرى القادة تعديلات تكتيكية مثل تغيير مسارات الطيران لضمان أن تكون الطائرة المسيّرة أقل قابلية للتنبؤ بها، وأقل عُرضة للخطر من نيران العدو.

وقضى سلاح الجو الأميركي أكثر من عقد في محاولة تحديث RQ-4 لتتناسب مع قدرات طائرة الاستطلاع U-2، ولكن التجربة لم تكن ناجحة.

وتعتبر الميزة الأساسية للطائرة U-2 خلال الحرب الباردة (1947 – 1991) كانت تخصصها في العمليات على ارتفاعات عالية، والتحليق فوق المدى الفعال للعديد من أنظمة الدفاع الجوي، وعبور المجال الجوي المتنازع عليه.

ومع تطوير أنظمة الدفاع الجوي الحديثة، اختفت هذه الميزة تقريباً، وأصبحت طائرة U-2 تقتصر على المجال الجوي غير المتنازع عليه أو المتنازع عليه جزئياً، وبالتالي.

ومن المتوقع أن يتخلى سلاح الجو الأميركي عن أسطول المراقبة الخاص به من طائرات U-2 في العقد القادم، وأن تنجز معظم مهام المراقبة بمساعدة أجهزة الاستشعار المتقدمة الموجودة على متن الجيل الخامس من طائرات F-35 Lightning، وF-22 Raptor.

قدرة استثنائية

وتعتمد البحرية الأميركية على MQ-4C Triton للقيام بمهمة محددة للغاية، وهي أكثر تخصصاً من المراقبة البحرية العامة واسعة النطاق.

وأظهرت مجموعة أجهزة الاستشعار وتكنولوجيا المراقبة المتقدمة في MQ-4C قدرة استثنائية على توفير بيانات استهداف دقيقة للسفن البحرية، مما زاد بشكل كبير من قدرة الأسطول على ضرب الأهداف على مسافة بعيدة.

ولا تمتلك MQ-4C Triton أي أسلحة، ولكن قدرتها على جمع ونقل معلومات الاستهداف بسرعة إلى السفن البحرية أو الطائرات القريبة تُعد نموذجاً مثالياً لمزايا الحرب المتصلة، باستخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، ودمج أجهزة الاستشعار لزيادة مشاركة المعلومات في الوقت الفعلي عبر ساحة المعركة، وبالتالي زيادة التكامل والتنسيق والفتك بين الوحدات.

ويتعلق نشر سرب دوريات الطائرات المسيّرة في صقلية، مقترناً بطائرة MQ-4C Triton، باستخدام اثنتين من مخزون البحرية الأميركية المحدود المكون من 5 طائرات مسيّرة من طراز Triton.

وجرى نشر الترسانة المحدودة للبحرية الأميركية من طائرات MQ-4C Triton في السابق في جزيرة جوام الاستراتيجية، وهو موقع الانتشار الأول لطائرة Triton، أو مع الأسطول السابع المتمركز في يوكوسوكا باليابان.

وكان اختيار تموضع هذه الطائرات المسيّرة القوية في صقلية عملاً متعمداً، ولاحظ بعد الخبراء أن ذلك قد يشير إلى التزام متزايد تجاه حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين.

كما يمكن تفسير نشر طائرة MQ-4C Triton على أنه دليل لأهمية منطقة البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن حاجة الولايات المتحدة لزيادة المراقبة في مناطق شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

وتبعد صقلية نحو 1500 ميل من إسرائيل، وأكثر من 2000 ميل من نقاط مختلفة ذات أهمية استراتيجية داخل البحر الأحمر، وهي منطقة تقع ضمن مدى Triton البالغ 10 آلاف ميل.

وتُعد صقلية أقرب نقطة انطلاق محتملة لهذه الطائرات المسيّرة النادرة MQ-4C Triton، والتي بينما توفر الأمن والاستقرار لحليف أوروبي قوي، فإنها تتيح أيضاً اختراقاً عميقاً في مناطق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط.

نقطة مهمة لميناء غزة

كما جرى تعزيز هذا التحليل فقط بالتزام الرئيس الأميركي جو بايدن خلال خطاب “حالة الاتحاد”، الخميس، ببناء وتشغيل ميناء مؤقت قبالة ساحل غزة، لإدخال المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها إلى سكان القطاع، وفق موقع “Warrior Maven”.

واقترحت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) قبرص كموقع مهم لتحميل المساعدات الإنسانية على السفن لتسليمها إلى غزة، إذ تبعد نحو 1000 ميل من قاعدة الطيران البحري في صقلية.

ومن المؤكد تقريباً أن طائرة MQ-4C ستُستخدم لتوفير المراقبة والاستطلاع الأساسيين، ما يضمن أن القوات الأميركية تحافظ على صورة تكتيكية دقيقة لمنطقة عملياتها، وحماية سفن المساعدات الإنسانية من التهديدات البحرية.

شارك الخبر: