هل سينحاز دونالد ترامب هذه المرة الى الخيار العسكري بمواجهة ايران ؟ في حزيران/يونيو الماضي تراجع في الدقيقة الاخيرة، لكن بعد تعرض منشآت سعودية للقصف في 14أيول/ سبتمبر الجاري، بات على ترامب الآن اتخاذ أحد أهم الخيارات منذ تسلمه الرئاسة، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس للأنباء.
ويواجه الرئيس الأميركي الجمهوري حاليا المعضلة التي تلاحقه منذ وصوله الى البيت الابيض : فهو من جهة يسعى الى تقديم نفسه بصورة الرئيس القوي، لكنه من جهة ثانية يريد الوفاء بالتزاماته الانتخابية بطي صفحة التدخل العسكري الاميركي في منطقة الشرق الاوسط، الذي يعتبره مكلفا.
وقبل ثلاثة أشهر تراجع “قبل عشر دقائق من موعد الضربة” عن تنفيذها حسب قوله، موضحا أنه فضل تجنب رد لا يتناسب مع هجوم بطائرة مسيرة لم يوقع أي قتيل أميركي.
وبعيد القصف الذي استهدف السعودية السبت سارع وزير الخارجية مايك بومبيو الى اتهام ايران بشكل مباشر، في حين أكد ترامب ان الولايات المتحدة “مستعدة للرد” مستعيدا نفس التعبير الذي كان استخدمه في حزيران/يونيو الماضي.
الا ان ترامب بدا هذه المرة أكثر حذرا من وزير خارجيته عندما ظهر وكأنه يريد كسب بعض الوقت عبر القول بأنه ينتظر “التحقق” لكشف مصدر الهجوم، موضحا أيضا أنه ينتظر ما ستكشفه الرياض.
ويدور النقاش حاليا حول المسؤولية الفعلية لايران عن قصف منشآت نفطية في شرق المملكة تابعة لشركة ارامكو ما ادى الى توقف الرياض عن انتاج نصف كمية نفطها. ونفت ايران اتهامات بومبيو واعتبرت أن “لا أساس لها من الصحة”.
ويستخدم ترامب في الوقت نفسه سياسة تهدئة وتصعيد مع ايران ما يجعل من الصعب التكهن بما يمكن أن يتخذه من قرارات بعد القصف الاخير.
وبعد أن كان كرر مرارا استعداده للالتقاء بنظيره الايراني حسن روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، عاد وكتب الأحد في تغريدة “ان الاخبار الكاذبة تدعي بأنني جاهز للالتقاء بايران من دون شروط. هذا غير دقيق”.
لكن العودة الى التصريحات الاخيرة لكبار معاونيه والعاملين في ادارته تؤكد العكس. وقبل أيام قليلة قال وزير الخزانة ستيفن منوتشين “الرئيس قالها بشكل واضح فهو مستعد للقاء من دون شروط مسبقة”.
-“لا أهداف واضحة بشأن ايران”-
وقال ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية الاميركي “إن الغموض لا ينتاب فقط الموقف الاميركي من حرب محتملة في الشرق الاوسط بعد القصف على المنشآت النفطية السعودية، بل يطاول كل السياسة الخارجية الاميركية”.
وأَضاف “الرئيس يتهم ايران من دون إثباتات، وينفي أن يكون موافقا على محادثات من دون شروط، ولا أهداف واضحة له بشأن كيفية التعامل مع ايران”.
وبعد أشهر من التوتر الشديد بين واشنطن وطهران، هل سينتقل ترامب الى الفعل ولو أدى الامر الى مواجهة عسكرية بدلا من الحرب الكلامية؟.
أم أنه سيختار في النهاية طريق الدبلوماسية بعد أيام على رحيل مستشاره للامن القومي جون بولتون المعروف بمواقفه المشجعة على الحرب خصوصا مع ايران؟.
والمعادلة باتت معقدة بالنسبة الى ترامب الذي كان يأخذ على سلفه باراك اوباما تردده في اتخاذ القرارات الصعبة.
فقد كرر ترامب القول مرارا أن “الكارثة السورية” كانت انتهت في عهد اوباما لو أنه التزم برفض تجاوز الخط الاحمر الذي كان وضعه في سوريا عام 2013. وبعد أن كان اوباما أعلن استعداد بلاده لقصف مواقع للنظام السوري إثر هجوم كيميائي على مدنيين، عاد وتراجع وسط ذهول الجميع.
بن رودس المستشار السابق لاوباما يعتبر ان التطورات خلال الساعات ال48 الاخيرة تكشف ان استراتيجية ترامب بشأن ايران عبر الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني، واعطاء السعوديين شيكا على بياض في حرب اليمن، وتكثيف العقوبات والتهديدات، انما تدل على فشل سياسته.
وخلص رودس الى القول في تغريدة “لقد وضعتنا سياسة ترامب الكارثية على حافة حرب واسعة” محذرا من تدخل عسكري اميركي ستكون عواقبه وخيمة حسب قوله.