SdArabia

موقع متخصص في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والدفاعية، يغطي نشاطات القوات الجوية والبرية والبحرية

ما هي أبرز محطات الصناعات الدفاعية التركية؟

طائرة مسيرةطائرة العنقاء أكسونغور بدون طيار التركية خلال معرض IDEF 2019 (الأمن والدفاع العربي- صورة خاصة)

أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في 10 نيسان/ أبريل الجاري، رفع ميزانية بلاده للصناعات الدفاعية إلى 75 مليار دولار، في خطوة تظهر حجم الاهتمام الرسمي بهذا القطاع الذي بدأت نجمته تحلق عالياً خلال السنوات الماضية، إلى أن وصلت إلى العالمية بفضل الطائرات المسيرة، بحسب ما نقلت ترك برس.

وازدادت أعداد مشاريع الصناعات الدفاعية منذ السنوات الأولى للألفية. ففي حين كان عدد المشاريع الدفاعية في العام 2002، 66 مشروعاً، وصل هذا الرقم إلى 269 في عام 2010، والى667 في العام 2018.

شهدت الجمهورية التركية مؤخراً نمواً كبيراً في مجال الصناعات الدفاعية في جميع القطاعات العسكرية البرية والبحرية والجوية. وتعتبر هذه الإنجازات الكبيرة في مسيرة الصناعات الدفاعية في تركيا امتداداً تاريخياً للصناعات الدفاعية في العهد العثماني. إذ أنتج العثمانيون في أثناء حكمهم أهم الأليات والمعدات العسكرية، مثل المدافع والسفن الحربية وبقدرات محلية، بحسب تقرير لـ “TRT عربي.”

خلال صعود الإمبراطورية العثمانية، شكلت المدافع والسفن الحربية أساس صناعة الأسلحة في الإمبراطورية. إذ أنشئ أول مصنع (Top Asitanesi) للصناعات الدفاعية في عهد السلطان محمد الفاتح. فتح عهد السلطان محمد الفاتح بوابةً لعصر تطور صناعي جديد في تاريخ الإمبراطورية العثمانية، خصوصاً في صناعة السفن والمدافع الحربية.

يذكر أنه بعد تدمير الأسطول البحري العثماني بالكامل في معركة لبانتو، لعب مصنع Tophane-i Humayun دورا كبير في تعويض القوات البحرية العثمانية ما فقدته خلال المعركة، إذ تمكن هذا المصنع في غضون خمسة أشهر فقط من بناء أسطول بحري جديد وقوي مكون من 200 سفينة.

في بداية القرن العشرين أعتبرت مديرية التصنيع العسكري من أهم المنشآت العسكرية الرسمية والمتخصصة في صناعة الأسلحة العسكرية والذخائر. إذ تعتبر هذه المنشأة امتداداً لمنشأة İmalât-ı Harbiye والتي أنشئت في عهد السلطان محمود الثاني.

وبعد توقيع هدنة مودروس توقف الإنتاج الحربي للمصانع التابعة للمديرية في إسطنبول. وشكّل هذا التوقف مشكلة كبيرة لدى قوات الكفاح الوطني المقاومة لدول الحلفاء، فنقلوا بقيادة مصطفى كمال أتاتورك المديرية إلى أنقرة بهدف إعادة إنتاج الأسلحة والذخائر للمقاومة.

بعد تأسيس الجمهورية التركية شهدت تركيا حقبة جديدة في مجال الصناعات الدفاعية، تحديداً قطاع الطيران الحربي. إذ فتح المجال أمام شركات القطاع الخاص للمساهمة في انتاج هذه الأسلحة وتطويرها مثل شركة تمتاش (TAMTAŞ) لصناعة الطائرات، والتي كانت من أهم الشركات التركية الخاصة التي عملت في هذا المجال.

وعلى الرغم من أن الفترة ما بين 1926 و1939 في تركيا كانت صعبة من الناحية الاقتصادية، فإن صناعة الطائرات خلال هذه الحقبة حققت نجاحات كبيرة. فمثلاً بحلول عام 1939، تمكنت TAMTAŞ من إنتاج 112 طائرة.

في عام 1941، أنشأ اتحاد الطيران التركي (THK) مصنع طائرات وأصبح أكبر مؤسسة في صناعة الطائرات. بالإضافة الى إنشاء أول مصنع لمحركات الطائرات في أنقرة عام 1948. كما أنشئ خلال هذه الفترة مصنع متخصص في صناعة الطائرات لرجل الأعمال الشهير آنذاك نوري دميراغ. تمكنت شركة دميراغ من صنع 24 طائرة حربية وشراعية.

في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية شهدت الصناعات الدفاعية التركية تراجعاً كبيراً. خاصة مع تنفيذ خطة مارشال التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية لتعويض الدول الأوروبية المتضررة من الحرب اقتصادياً. إذ قدمت الولايات المتحدة ضمن الخطة مساعدات عسكرية لليونان وتركيا بغرض تقليص التوسع السوفييتي. وبدأت تركيا تعتمد على شراء الأسلحة من الخارج، تحديداً من أمريكا.

وفي هذا السياق صرح الخبير في الصناعات الدفاعية التركية رفعت أونجل لـTRTعربي، بأنه وعلى الرغم من أن “الدعم الأمريكي مكّن القوات المسلحة التركية من التجهيز بسرعة أكبر، فإن ذلك تسبب في اعتماد تركيا طويل الأمد على الولايات المتحدة في المنتجات الدفاعية”.

ويضيف أونجل أن حظر الأسلحة الأمريكي، الذي طُبق بين عامي 1975 و1978 بعد “عملية السلام” في قبرص ، أدى إلى تحفيز تركيا للتركيز على صناعات الدفاع المحلية. وكان تأسيس شركات مثل Tusaş وAselsan وRoketsan، أحد تجليات هذا النهج الجديد. كما ربطت تركيا مشترياتها من الأسلحة من الولايات المتحدة بشروط تطوير صناعة الدفاع التركية. ويعد إنتاج طائرات F-16 على الأراضي التركية في منتصف الثمانينيات مثالاً على ذلك.

ومع صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002، شهدت تركيا مرحلة جديدة في انتاج الصناعات الدفاعية على مستوى جميع القطاعات الجوية والبرية والبحرية.

وخلال هذه الفترة، تمكنت تركيا من تحقيق أولى الخطوات نحو الاكتفاء الذاتي وتقليص الاعتماد على استيراد الأسلحة من الخارج. كانت البداية من خلال تأسيس MİLGEM (مشروع السفن الحربية الوطنية)، وإطلاق مبادرة أخرى مثل ATAK (مشروع هليكوبتر الهجوم الوطني)، وAltay (مشروع دبابات القتال الوطنية).

ازدادت أعداد مشاريع الصناعات الدفاعية منذ السنوات الأولى لصعود الحزب. ففي حين كان عدد المشاريع الدفاعية في العام 2002، 66 مشروعاً، وصل هذا الرقم إلى 269 في عام 2010، والى667 في العام 2018.

في ذات السياق، زادت الميزانية المتعلقة بتطوير هذه المشاريع من 5.5 مليار دولار في عام 2002 إلى 60 مليار دولار في عام 2018. وزادت ميزانية البحث والتطوير من 49 مليون دولار في 2002 إلى 666 مليون دولار في 2010، وفي 2018 وصلت إلى 1.45 مليار دولار.

كما ارتفعت قيمة صادرات الدفاع الجوي من 248 مليون دولار في عام 2002، الى 853 مليون دولار في عام 2010، وفي عام 2018 بلغت 2.2 مليار دولار. وارتفع عدد المصانع من 56 مصنعاً عام 2002 إلى 1500 مصنع عام 2020.

في عام 2010، كان لدى تركيا شركة واحدة على قائمة أفضل 100 شركة دفاعية عالمية. فيما أصبح لديها حتى العام 2020 سبع شركات في قائمة أفضل مصانع للصناعات الدفاعية في العالم، كشركة ASELSAN وHAVELSAN وROKETSAN وTAI / TUSAŞ وSTM وBMC وFNSS، متفوقةً على دول مثل إسرائيل وروسيا والسويد واليابان مجتمعة.

منذ بداية الألفية، ركزت تركيا على إنتاج الطائرات بلا طيار (SİHA)، والتي ظهرت بشكل ملحوظ بين العام 2008-2010، وتطورت بشكل أكبر في السنوات القليلة الماضية. خاصة بعد أن فرضت بعد الدول مثل إسرائيل والولايات المتحدة حظراً على تصدير مثل هذه الطائرات إلى تركيا وهو الأمر الذي شجع الأخيرة على العمل الجاد لتطوير هذا النوع من الطائرات. وأصبحت شركة BAYKAR هي مثال هذا النجاح الكبير في صناعة الطائرات بلا طيار التركية.

وخلال 2022، دُشنت أول سفينة استخبارات تركية من طراز (TCG Ufuk)، كما بدأ العمل في تصنيع غوّاصتين جديدتين هما سلمان رئيس (Selman Reis)، و”خضر رئيس” (Hızır Reis). بالإضافة إلى البدء في العمل على المسيّرات البحرية “أولاق” (Ulaq)، و”مير” (Mir)، و”سنجر” (Sancar)، و”مارلين” (Marlin)، و”ألباتروس” (Albatros)، و”سالفو” (Salvo).

في السياق ذاته، حققت الطائرات التركية بلا طيار خاصة “Bayraktar TB2” نجاحات ملموسة في العمليات العسكرية التي استخدمت فيها ضمن عمليات عسكرية كبيرة في مناطق مختلفة حول العالم مثل سوريا في 2018، وفي ليبيا، وفي إقليم قره باغ إبان الحرب التحرير التي خاضتها أذربيجان ضد الاحتلال الأرمني.

آخر إنتاجات المسيّرات لشركة بيرقدار طائرتا بيرقدار تي بي 3 “BAYRAKTAR TB3″وطائرة قزِل إلما ” KIZILELMA”. إذ أعلنت الشركة نيتها إطلاق أول رحلة لـTB3 خلال هذ العام. وتميزت قزِل إلما A عن بقية المسيرات الأخرى بإمكانية إطلاقها من السفن ذات المدرج القصير. كما أن لديها قدرة عالية على التخفي عن شاشات الرادارات. ويصل وزنها عند الإقلاع إلى 6 أطنان، فيما تستطيع نقل حمولة 1500 كيلوجرام من الصواريخ.

أما مسيّرة قزِل إلما فأعلنتها شركة BAYKAR في نهاية العام 2022، وهي طائرة من نوع A، ويوجد نسختان B وC واللتان ستنتَجان في السنوات القادمة. أما آخر إصدارات المسيرات التركية فهي عنقاء-3 “ANKA3” التي طورتها شركة صناعات الفضاء التركية (TUSAŞ)، والتي من المتوقع تنفيذ أول رحلة لها في منتصف هذا العام. وتتميز عنقاء3 بمقدرتها على التحليق لمدة عشر ساعات على ارتفاع 40.000 قدم. ويبلغ وزنها الطبيعي 7 أطنان، وعند الإقلاع 6.5 طن، وتستطيع نقل حمولة 1200 كيلوجرام، فيما تبلغ سرعتها 800 كم في الساعة.

في السياق ذاته، ستصبح الطائرة الحربية TFX من أهم إنجازات الصناعات الدفاعية الجوية التركية في المستقبل القريب، والتي ستحل محل المقاتلة الأمريكية F-16. وهي طائرة تطورها الشركة التركية لصناعات الفضاء وشركة BAE مقاولاً فرعياً لها. من المنتظر أن تنفذ أول طيران لها في العام 2025، وستدخل في الخدمة في العام 2028.

وفي تصريحه لـTRT عربي، يقول الخبير التركي عردة مولوت أوغلو، “ستتألف TFX من عديد من الأنظمة المتطورة مثل الرادار وأجهزة الاستشعار الكهروبصرية وأنظمة الاتصالات عالية الدقة”.

وأضاف بأنه “من خلال مشروع TFX، سوف تكون تركيا قادرة على إنشاء نظام جوي متقدم. يتكون من مرافق الاختبار، ومنشآت التكامل والتجميع، وشركات ذات خبرة واسعة في صناعة الطيران الحربي قادرة على إدارة البرامج والمشاريع طويلة الأجل”.

وأردف أن “الموارد البشرية التي تعمل على هذا المشروع مكونة من أعضاء هيئة التدريس والمهندسين والفنيين والموظفين الإداريين المتخصصين في تطوير وتصنيع واختبار عديد من الأنظمة”. وهذا بدوره سوف يعزز البنية التحتية لصناعة الطيران الحربي في تركيا، والتي سوف تؤهلها لتنفيذ مشاريع عملاقة من هذا النوع في المستقبل، وفق تعبيره.

أخيراً تسعى تركيا إلى تطوير البرامج والمشاريع في جميع القطاعات المتعلقة بالصناعات الدفاعية التركية على المدى البعيد. إذ تعطي الحكومة قطاع التكنولوجيا والفضاء أولوية قصوى. من المتوقع أن يكتمل مشروع نظام إطلاق الأقمار الصناعية بحلول العام 2025. بالإضافة إلى أن الهدف الاستراتيجي لتركيا هو جعل صناعة الدفاع التركية مستقلة بنسبة 100٪ بحلول عام 2053.

شارك الخبر: